كتاب الجنائز

باب إغماض الميت

مسألة: قال: أول ما يبدأُ به أولياءُ الميت أن يتولى أرفقهمْ به إغماضَ عينيه.

الفصل

وهذا كما قال. قال: اعلم أن بعض أهل اللغة قالوا: الجنازة بكسر الجيم. هي: اسم لما يحمل عليه الميت، وبفتح الجيم نفس الميت. وقال الأزهري: الجنازة بكسر الجيم لا تسمى حتى يشد الميت مكفناً عليها، يقال: جنز الميت تجنيزاً، إذا هيئ أمره وجهر وشد على السرير، ثم اعلم أن الشافعي ذكر هاهنا ما يفعل بالمؤمن بعد موته. وذكر في البويطي: ما يفعل به قبل موته ونحن نقدم ذلك.

وجملته: أنه يستحب للإنسان أن يكثر ذكر الموت، ويجعله من عينيه، وهذا في الدنيا وإطراحها، لما ووى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "استحيوا من الله حق الحياء" قالوا: يا رسول الله وما حق الحياء؟ قال: "من عرف الرأس _ وروي من حفظ الرأس _ وما حوى، والبطن وما وعى، وترك زينة الحياة الدنيا، وأكثر ذكر الموت والبلى، فقد استحيى من الله حق الحياء" [266 ب/ 3]. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أكثروا من ذكر هاذم اللذات، فما ذكر في كثير إلا قلله ولا في قليل إلا كثره"، وروي مثل هذا عن عمر رضي الله عنه وكان نقش خاتم عمر "كفي بالموت واعظاً يا عمر"، وينبغي أن يستعد لموته كما يستعد لسفره الطويل. وروى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: بينما نحن نمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أبصر جماعة مجتمعين، فقال: على ما اجتمع القوم؟ فقالوا: على قبر يحفرونه فابتدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرعاً بين يدي الناس حتى أتى القبر وحثا عليه التراب، فابتدرت فاستقبلته لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى دموعه، وقال: "إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا" الاستعداد للموت، الخروج من المظالم، والإقلاع عن المعاصي والإقبال على الطاعات وهذا لأنه لا يؤمن من موت الفجأة [267 أ/3]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015