مسألة: قال: ويلبس فرسه وأداته جلد ما سوى الكلب والخنزير.

وهذا كما قال. اختلف أصحابنا في هذا، فقال ابن خيران رحمه الله: أراد به الشافعي رحمه الله الجلود التي لم تدبغ فيجوز له أن يلبس فرسه ذلك وإن كان نجسا؛ لأنه لا تعب على الفرس، وإنما لا يجوز للرجل لبسه، لأن عليه في نفسه "198 أ/3" تعبدا فلا يجوز له لبس النجاسات، وإنما استثنى الشافعي منها جلد الكلب والخنزير؛ لأن الانتفاع بالخنزير لا يحل حال. وأما الكلب فلا يجوز الانتفاع به إلا فيما أذن فيه من اقتنائه للصيد والماشية والزرع وهذا غيره فلا يحل استعماله.

وحكى الداركي عن أبي إسحاق رحمه الله أنه قال: أراد به الجلود المدبوغة واستثنى جلد الكلب والخنزير، لأنهما لا يظهران بالدباغ، قال: وقول الشافعي رحمه الله لأنه جنة الفرس، ولا تعبد على قوس، أراد به أن لبس الجلود في الحرب مكروه للرجل، لأنا نحتاج أن ننزعها من الشهيد، والمستحب أن يدفن الشهيد على حاله بخلاف الفرس، فإنه لا تعبد عليه فلا يكره له أن يلبسه إياه، وأما غير المدبوغ من جلود الميتة فكما يلزمه لبسه في نفسه يكره لبسه في فرسه وأداته، ولو خالف لا يحرم إلا للصلاة، وذا غلط لأن الشافعي صرح في "الأم" فقال: ليس كل جلد طاهر، وهو جلد ما يؤكل لحمه إذا كان ذكيا، وإن كان جلد ميتة أو جلد ما لا يؤكل لحمه فإنه يلبسه فرسه، ولا يلبسه هو إلا أن يدبغ لأنه يكره للإنسان حمل النجاسة ولبسها "198 ب/3" بلا ضرورة. وأما إذا اضطر عند الحرب فيجوز لبس كله في نفسه وأدته، وإن كان جلد الكلب والخنزير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015