العذر لم يوجد في وقت استقرارها ولا أدائها. وأما إذا تركها في السفر تذكرها في الحضر فقال في "القديم" و "الإملاء": يجوز له قصرها، وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري إلا أنهم قالوا: يتحتم عليه القصر، وعندنا على هذا القول هو بالخيار بين القصر والإتمام، وروي هذا عن الحسن وحماد، وهذا لأن القضاء معتبر بالأداء ويجزيه في الأداء ركعتان فكذلك في القضاء.

وقال في "الأم": لا يجوز له قصرها وبه قال [61 ب / 3] الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور والمزني رحمهم الله: لأن القصر رخصة، فإذا زال السفر قبل الترخص بطلت الرخصة كما لو قدم قبل أن يفطر، وأما ما ذكر القائل الأول فإنه تبطل بالجمعة إذا تركها لا يؤديها ركعتين.

وأما إذا شرطها في الحضر، ثم ذكرها في السفر فإنه يأتي بها تامة: لأن صلاة الحضر قد استقرت في ذمته بفوات وقتها في الحضر فلا يجوز إسقاط شيء منها. وروى الأشعث عن الحسن البصري: أن الاعتبار فيها بحالة الفصل فيصلي ركعتين، وروى يونس عنه أن الاعتبار بحال الترك.

وقال القاضي الطبري رحمه الله: رأيت للمزني في مسائله المعتبرة على الشافعي رحمه الله أنه نقص، واحتج عليه بأنه لو ترك صلاة وهو صحيح، ثم ذكرها وهو مريض بأنه يصلي صلاة المريض قاعداً كذلك هاهنا، ولأنه لو أفطر في رمضان، ثم شرع في قضائه في السفر فهو بالخيار إن شاء أتم وان شاء أفطر فكذلك هاهنا.

قلنا: أما الأول نصفه الفصل يخالف عدد الركعات، لأنها تسقط بالعجز والعدد يسقط رخصته لا بالعجز، ولم يوجد سبب الرخصة وقت الاستقرار، ولأنه [62 أ / 3] إذا لم يأت بها على حسب حاله مريضاً أدى إلى تأخيرها وفي ذلك تقرير بها، وهاهنا الإتمام ممكن في الحال، وأما ما ذكر ثانياً، قلنا: قال أبو إسحاق: إن ترك الصوم في الحضر بلا عذر، ثم أراد قضاءه في السفر انحتم عليه، لأن الأصل في الحضر كان منحتما فكذلك القضاء، وان كان تركه للعذر ثم أراد أن يقضيه في السفر كان له الخيار في القضاء إن شاء أتم، وعلى هذا أكثر أصحابنا، ومن أصحابنا من قال: تثبت له رخصة الإفطار في القضاء سواء كان أفطر لعذر، أو لغير عذر، والفرق أن الصوم يتركه إلى بدل بخلاف الركعتين فإنه يتركهما لا إلى بدل، وكان أغلظ، ولهذا يقول: إذا أصبح في السفر ناوياً للصوم، ثم أراد الفطر له ذلك، ولو أحرم بالصلاة ينوي الإتمام ثم أراد القصر ليس له ذلك فإن قيل: أليس من وجبت عليه الكفارة ثم اعتبر جاز له العدول إلى الصوم اعتباراً بحالة الأداء، يقولوا: مثله هناء قلنا: لا نسلم على أحد الأقوال، وإن سلمنا فلأن الكفارة لا تقضى بل تؤدى أبدأ أو هاهنا بخلافه، وأيضاً فإن ملك حالة عجز فهي بمنزلة المريض في [62 ب / 3] حالة القضاء بخلاف هذا، فأما إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015