والثاني: وهو ظاهر مذهبه، وعليه قول الأكثرين من أصحابه أنه محمول على الوجوب، وأن الشروط المعتبر وجودها في صحة النكاح، شرط في صحة دعواه، سواء توجهت الدعوى إلى العقد أو إلى الزوجيةً، واختلف على هذا في سبب اختصاصه في الدعوى بصفة العقد، فقال أبو علي بن أبي هريرة: لأن النبي {صلى الله عليه وسلم} خصه من سائر العقود بأن قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين"، ولولا هذا التخصيص لكان كغيره، وعلل أبو إسحاق المروزي بأن الفروج موضوعة على الحظر، والتغليظ فلم يجز استباحتها بدعوى محتملةً، حتى ينفي عنها الاحتمال به لصفة.
وعلل أبو حامد المروزي بأن في استباحة الزوج إتلافًا لا يستدرك ومأثمًا لا يرتفع بالإباحةً، فأشبه دعوى القتل، وخالف ما سواه من عقود الأملاك.
وعلل آخرون بأن الإطلاق في عقود النكاح أكثر، وما يطلق على اسم النكاح من فاسد العقود أقل، وفرقوا بين شروط الوجود، وشروط العدم وأن الشروط المعدومة أصل في العدم، فحملت على ظاهر العدم وليس لشروط الوجود أصل في الوجود، فلم يحمل على ظاهر الوجود.
والثالث: إن كانت الدعوى، في عقد النكاح، فقال تزوجت هذه المرأةً، كانت شروط العقد معتبرةً في صحة الدعوى وإن اقتصرت الدعوى على النكاح الأول، دون العقد، فقال هذه زوجتي، لم يعتبر شروطا للعقد في صحة الدعوى، لأن الاستدامة أخف حكما من الابتداء، لأن الشهادة على عقد البيع، والنكاح بالخبر الشائع لا تصح، حتى يشاهد المتعاقدين، ويسمع لفظهما بالعقد والشهادة على الأملاك، والزوجية بالخبر الشائع تصح، فلذلك تغلظت دعوى العقد وتخففت دعوى الزوجية.
فصل:
فإذا صحت دعوى النكاح على ما وصفنا فهي على ضربين:
أحدهما: أن تتوجه الدعوى من الزوج على الزوجة من ضروب دعوى النكاح، فتؤخذ بالجواب عنها، ولها في الجواب حالتان: إقرار وإنكار فإن أقرت بالزوجة، حكم بإقرارها، وأنها زوجة لمدعي نكاحها وسواء كانا في حضر أو سفر.
وحكي عن مالك أنه يحكم بذلك في السفر، ولا يحكم به في الحضر إلا ببينةً، أو يرى دخوله عليها، وخروجه من عندها، لإمكان ذلك في الحضر وتعذره في السفر إلا أن يكونا في غربة فيقبل.
وقد ذكره الشافعي في القديم، فمن أصحابه من خرجه قولا له في القديم، ومنهم من نسبه إلى حكايته له عن مالك وأن مذهبه في القديم، والجديد، وقول فقهاء العراق أن