أحدهما: لهم تعليم الناس السحر لينهوا عنه بعد علمهم به لأنهم إذا جهلوا لم يقدروا على الاجتناب منه كالذي لا يعرف الكفر لا يمكنه الامتناع منه.
والثاني: ليس لهم تعليم السحر ولا إظهاره للناس لما في تعليمه من الإغراء بفعله، وقد كان السحر فاشيًا تعلموه من الشياطين فاختص الملكان بالنهي عنه ويكون تأويل قوله على كلا الوجهين إنما نحن فتنة أي اختبار وابتلاء وفي قوله: فلا تكفر وجهان:
أحدهما: فلا تكفر بالسحر.
والثاني: فلا تكفر بتكذيبك لنهي الله عن السحر ثم قال: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} [البقرة: 102] فيه وجهان:
أحدهما: من هاروت وماروت.
والثاني: من السحر والكفرة {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وزَوْجِهِ} [البقرة: 102] فيه وجهان:
أحدهما: يفرقون بنيهما بالسحر الذي تعلمون.
والثاني: يفرقون بينهما بالكفر لأن اختلاف الدين بالإيمان والكفر مفرق بين الزوجين كالردة ثم قال تعالى: {ومَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ} [البقرة: 102] من يعني بالسحر {مِنْ أَحَدٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102] فيه وجهان:
أحدهما: بأمر الله.
والثاني: بعلم الله ثم قال: {ويَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ ولا يَنفَعُهُمْ} [البقرة: 102] يعني يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم في الدنيا ثم قال: {ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102] يعني السحر بما يبذله للساحر {مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 102] فيه وجهان:
أحدهما: من نصيب.
والثاني: من دين.
فصل:
فإذا تقرر ما ذكرنا من تفسير الآية التي هي أصل يستنبط منه أحكام السحر فقد اختلف أهل العربية في معنى السحر في اللغة على وجهين:
أحدهما: أنها إخفاء الخداع وتدليش الأباطيل ومنه قول امرئ القيس:
أرانا موضعين لأمر غيب ... ونسخر بالطعام وبالشراب
أي نخدع.
والثاني: قاله ابن مسعود كنا نسمي السحر في الجاهلية العضة والعضة شهادة البهت وتمويه الكذب، وأنشد الخليل:
أعوذ بربي من النفاثات ... ومن عضة العاضة المعضة
والكلام في السحر يشتمل على ثلاثة فصول: