فرع آخر
لو توقف المدعي لغير استمهال هل يحكم على المدعي بالنكول في يمين النكول؟ فيه وجهان: أحدهما: وهو قول الإصطخري يحكم، فإن رام أن يحلف بعد الحكم بنكوله لم يجز كما في المدعى عليه، والثاني وهو الأظهر لا يحكم بنكوله والعرف أن نكول المنكر يتعلق به حق الغير ونكول المدعى لا يتعلق به حق لغيره فله أن يحلف متى شاء ويستحق. واعلم أن صاحب "الحاوي" ذكر فصلًا وترتيبًا حسنًا فيما ذكرنا من الفروع فقال: إذا حضر الخصمان عند القاضي ففصل الحكم بينهما يشتمل على ستة فصول: أحدها: ابتداء المدعي تحرير الدعوى، والدعوى على ضربين فيما ينقل وهو على ضربين: أحدهما: أن يكون في الذمة، والثاني: أن يكون بعين قائمةً وهي على ضربين: حاضرة، وغائبة, والفصل الثاني في سؤال المدعي، والفصل الثالث في جواب المدعى عليه وهو على ثلاثة أقسام، والفصل الرابع سماع البينةً ولسماعها أربعة شروط: أن تكون موافقةً للدعوى، والثاني أن يتفق شاهدًا البينةً على الشهادة، والثالث أن يسمع بعد الدعوى والإنكار، والرابع أن يكون الأداء بلفظ الشهادة، والفصل الخامس في إحلاف المنكر وللمدعي حالتان: أن يترك إحلافه [12/ (97) أ] وأن يسأل إحلافه وإذا سأل فهو على أربعة أضرب: أحدها: أن يمسك عن ذكر البينةً ولا يقول لي بينة. والثاني: أن يذكر أن له بينة غائبةً. والثالث: أنه يذكر أن له بينةً حاضرةً. والرابع: أن يقول: لا بينةً لي حاضرةً ولا غائبةً والفصل السادس في حكم النكول وقد ذكرنا شرحها مفصلًا وبالله التوفيق.
فرع آخر
قال ابن أبي أحمد وإذا أراد المدعي إقامة البينة فشهدت قبل الاستشهاد لا تكون شهادةً؛ لأنه شهد ولم يستشهد، وقد عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من فعل ذلك وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي أقوام فيحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يتشهدون)). فإن استعادها القاضي فأعادها قبلت لأنه ليس بجرح وهذا فيما عدا السرقة وقطع الطريق لتعلقه بحق الله تعالى وهذا تخريج مما قال الشافعي رضي الله عنه في شاهدين شهدا عند القاضي على رجل بسرقة من حرز فلان يوجب القطع تسمع الشهادةً ويسأل فلانًا فإن ادعاها حكم بها، وعلى هذا لو كان في زكاةً أو كفارة يندب إلى الشهادة قبل الاستشهاد وهكذا [12/ 97 ب] كل ذلك مقبول والاحتياط أن يثبت الوكالة أولًا، ثم سمع البينة على المال لأن أبا حنيفة رحمه الله قال: لا يكون خصمًا عند صاحب المال إلا بعد ثبوت الوكالة.