فرع آخر

لو لم يقم على ذلك بينةً ولكنه رام استحلاف المدعي على أنه لم يحلفه على هذه الدعوى حلفه القاضي بالله فإن قال المدعي أيضًا، لا أحلف فإنه قد حلفني على ذلك مرةً ولي بذلك بينةً سمعها القاضي، وإن قال لا بينة لي فأحلفوه على أنه لم يحلفني أنه ما حلفته في هذه الدعوى لم يسمع القاضي من المدعي لأن المدعى عليه يدفع ذلك مثل مقالته وعواه وذلك يطول إلى ما لا نهايةً له وفي ذلك ذريعةً إلى منع القاضي من الوصول إلى الحكم فالمدعي أحق بقطع المادةً لأنه هو الطالب دون المدعى عليه، فإما أن يحلف، وإما أن يقوم عن المجلس قاله ابن أبي أحمد تخريجًا.

فرع آخر

لو قال المدعى عليه: حلف المدعى أنه ما أبرأني من هذه الدعوى، مذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يحلف المدعى لأنه لو أقر بأنه لا دعوى عليه بريء.

فرع آخر

لو قال: أبرأني من هذه الدعوى لا يكون إقرارًا بالمال، ولو قال: أبرأني من هذا المال قال ابن أبي أحمد: يكون إقرارًا بالمال لأن الإبراء لا يكون إلا عن دين قال: ولو حلف رجل لأبرأ فلانًا من هذا المال فبرأه مما ليس عليه لم يكن ذلك إبراء فدل على أن الإبراء يقتضى ثبوت [12/ 94 ب] المال وقال بعض المتأخرين من أصحابنا: لا يكون إقرارًا بالمال لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: الآية (69)] الآية وكان الإيذاء بقولهم به آدرةً ولم يكن به آدرةً. والجواب عن هذا التمسك أن الله تعالى برأه من قولهم لا من الأدرةً فلا حجةً فيه لهم.

فرع آخر

وقال: أبرأني من المال قد بينا أنه يكون إقرارًا فإن أقام البينةً على الإبراء برئ، فإن لم يكن له بينةً فالقول قول المدعي مع يمينه لأن الأصل عدم البراءةً، فإذا أراد أن يحلف قال الشافعي رضي الله عنه: يحلف بالله تعالى أن هذا الحق ويسميه تسميةً يصير بها معلومًا ثابت عليه ما اقتضاه ولا شيئًا منه ولا اقتضاه مقتضى بأمره ولا بغير أمره ولا أحال به ولا بشيء منه ولا أبرأه منه ولا من شيء منه، وإنه لثابت عليه إلى أن حلف هذه اليمين قال أبو إسحاق: هذا إذا ادعى البراءة مطلقًا فإن ادعى البراءةً بجهةً معلومةً حلف على تلك الجهة، فإذا ادعى أنه استوفى حلف أنه ما استوفى فقط قال أصحابنا: يمكنه أن يجمع ذلك بأن يحلفه أنه لم يبرأ من ذلك الحق لا بقول ولا بفعل، ولو حلفه ما برئت ذمته من ذلك الحق ولا من شيء منه أو ما برأت ذمته من شيء من ذلك الحق كفاه، وما ذكره الشافعي رضي الله عنه [12/ 95 أ] تأكيدًا لا يضر تركه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015