ودفع إليهم مثلها أو ثمنها بحسب الشرط، ولم يقتصر على حكم ضمان المستهلك في غرم قيمة الدابة، وجاز أن يعدل إلي المثل والثمن، لأن ذلك من عموم المصالح التي يتسع حكمها ويكون ما يدفعه من ذلك من خمس الخمس، سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المعد للمصالح العامة.

فصل:

ويجوز أن يتابع المجاهدون في دار الحرب ما أخذوه من طعامهم رطلًا برطلين، ولا يكون إذا باعه مجاهد على مجاهد، لأنه مباح الأصل بينهم فسقط فيه حكم الربا، نص عليه الشافعي في سير الواقدي، وإن كان تحريم الربا عنده في دار المشركين كتحريمه في دار الإسلام، ولا يجوز أن يبيعه بذهب ولا ورق، ويكون مقصورًا على بيع المأكول بمأكول كما كان مقصورًا على إباحة المأكول، فإن تأخر قبض البدل فيه سقطت المطالبة به لإباحة أصله، فإن أراد المجاهد أن يبيعه على من ليس بمجاهد لم يجز بيعه بأكثر منه ولا بثمنه ولا بثمن في الذمة ويكون مبيعًا باطلًا على الأحوال كلها، وإن عقد على شروط الصحة لأن الإباحة مقصورة على الأكل دون البيع كطعام الولائم، وهكذا لو دفعه المجاهد قرضًا لغيره منع إن كان مقترضه غير مجاهد ولم يمنع إن كان مقترضه مجاهدًا ويصير مقترضه أحق به ولا يستحق استرجاع بدله، وإذا أراد المجاهد أن يبيع طعامًا له حمله من دار الإسلام على مجاهد أو غير مجاهد جاز وحرم له فيه الربا، وإن أقرضه استحق استرجاع بدله بخلاف المأخوذ من طعام أهل الحرب للفرق بينهما بإباحة هذا وحظر ذاك.

فصل:

وإذا خرج المسلمون من دار الحرب ومعهم من بقايا ما أخذوه من طعامهم ففي وجوب رده إلي المغنم قولان:

أحدهما: نص عليه هاهنا أن عليهم رده إلي المغنم لارتفاع الحاجة، فإن استهلكوه كان محسوبًا

عليه من سهامهم.

والقول الثاني: نص عليه في سير الأوزاعي لا يلزمهم رده، لأنه موضوع على الإباحة، وبه قال الأوزاعي وقد روى نافع عن ابن عمر أن جيشًا غنموا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا وعسلًا فلم يؤخذ منهم الخمس. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: ما بقي معهم من الطعام قبل قسم الغنيمة رده في الغنائم، وما بقي بعد قسمتها باعوه وتصدقوا بثمنه وعلى مذهب الشافعي إن لم يجب رده على أحد قوليه كانوا أحق به قبل الغنم ويجوز لهم بيعه بعد خروجهم من دار الحرب، ولا يجوز لهم بيعه قبل خروجهم منها، وتكون أيديهم عليه في دار الحرب يد استباحة، وفي دار الإسلام يد ملك، وإن وجب رده على القول الثاني ردوه إلي المغنم قبل القسم، وعلى الإمام بعد القسم وليس لهم بيعه ولا التصدق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015