بالاعتراف فلا يعتبر فيه التكرار كالقصاص وحد القذف وأما ما روي [79/ب] عن علي رضي الله عنه فلا يكون حجة حتى يصير إجماعًا ويحتمل أن يكون انتهره ليرجع فلما رجع قطعه، فإذا تقرر هذا فإنه يسقط بالرجوع بعد الاعتراف خلافًا لجماعة قد ذكرناهم قبل هذا وهو قول بعض أصحابنا حكاه أبو إسحاق المروزي لتعلقه بصيانة أموال الآدميين والدليل على أنه يسقط بالرجوع بعد الاعتراف ما روى أبو أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلص قد اعترف اعترافًا ولم يوجد معه متاعٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما أخالك سرقت" قال: بلى فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا فأمر به بقطع وجيء به فقال: استغفر الله وتب إليه فقال: أستغفر الله وأتوب إليه: فقال:" اللهم تب عليه ثلاثًا"، وروي أنه قال: واغفر له. وروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه أتي بجاريةٍ سوداء سرقت فقال لها: سرقت؟ قولي: لا فقالت: لا فخلى عنها، وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه مثله.

فرع

إذا رجع عن الإقرار نظر فإن كان قبل فعل شيء من القطع رفع عنه القطع، وإن كان بعد فعل شيء من القطع نظر، فإن كان قدر ما بقي مما يندمل ويبرأ رفع عنه، وإن كان قدرًا لا يندمل فإن بقي جلدة يسيرة رفع أيضًا فإن قال المقطوع للقاطع: تمم القطع لم يلزمه ذلك بل هو بالخيار بين تركه وقطعه لأن هذا القطع ليس بحدٍّ فلم يجب فعله، وإنما جوزنا له إتمام القطع لأنه [80/أ] يتأذى به فيبان للمصلحة ويستريح بهذا الرجوع من تعليق اليد في عنقه نكالًا. وإن تلف فيما قطعنا منه قبل الرجوع أو فيما قطعنا منه بإذنه بعد ذلك فلا ضمان.

فرع آخر

لو أقر اثنان بسرقة نصف دينار قطعا فإن رجع أحدهما وأقام الآخر على إقراره ترك الراجع وقطع المقيم.

فرع آخر

إذا كان عليه قصاص أو حد القذف يلزمه الإقرار به ولا يسعه كتمانه، وإن كان عليه حد الزنا أو حد الخمر أو حد السرقة. قال أصحابنا: إن شاع ذلك في الناس أو تكرر منه وظهر يستحب أن يحضر ويعترف ليقام عليه حد الله تعالى، وإن لم يكن شاع في الناس فالمستحب أن يكتمه ولا يظهره لقوله صلى الله عليه سلم: "فليستتر بستر الله" وقال صاحب "الحاوي": لا وجه لهذا الفرق عندي والصحيح أنه إن تاب فالمستحب له أن يكتمه ولا يقر به، وإن لم يتب فالأولى أن يقر به لأن في إقامة الحد تكفيرًا وتطهيرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015