وإنما أراد كونه في حرز نفسه، فإن لم يكن ففي حرز آخر فيجب القطع [65/ب] من أي حرز كان وهكذا المستودع أراد جحد الوديعة ثم سرق منه كان في معنى الغاصب إذا سرق منه، وقال أبو حنيفة: إن كان الأول سارقًا فالخصم فيه المالك كما ذكرنا، وإن كان الأول غاصبًا فالخصم فيه الغاصب وهذا خطأ لأن الغاصب والسارق في الظلم سواء فلا فرق بينهما في هذا الحكم، وقال صاحب "الحاوي": وعندي أن الغاصب والسارق يخاصمان أيضًا لوجوب الضمان عليهما.
مسألة: قال: وإن سرق عبدًا صغيرًا لا يعقل أو أعجميًا من حرزٍ قطع.
اعلم أنه إذا سرق عبدًا صغيرًا لا يعقل ولا يميز بين سيده وغير هـ، ولا يفرق بين طاعة الأجنبي وغيره أو عبدًا أعجميًا كبيرًا بهذه الصفة يلزمه القطع لأنهما بمنزلة البهيمة وسرقته بأن يحمله نائمًا أو مكرهًا أو يدعوه فيتبعه العبد حتى يخرجه من حرزه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومحمد وأهل المدينة، وقال أبو يوسف: لا قطع عليه لأنه لو كان كبيرًا لا قطع عليه فكذا إذا كان صغيرًا، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه لم ير فيه القطع. وقال: هؤلاء خلابون ودليلنا ما ذكرنا وأما ما ذكروه فمحمول على البالغ العاقل بدليل ما روى ابن خديج عن عمر رضي الله عنه أنه قطع رجلًا في غلامٍ سرقه. قال الشافعي: "وإن كان يعقل لم يقطع" لأنه خدعه [66/أ] حتى خرج باختياره وإرادته لم يكن مسروقًا بل كان مختلسًا وخيانة وإن أكرهه وحمله فذلك غصبٌ وليس بسرقةٍ فلا يقطع، ولو سرقه وهو نائم فأخرجه من الحرز قطع ذكره أصحابنا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن صادفه مقيدًا فحمله وأخرجه من الحرز يقطع وهذا محتمل، وقال بعضهم: وإذا أكرهه وأخرجه قهرًا يقطع وهذا غلط ظاهر.
فرع
لو سرق أم ولد وهي مجنونة أو نائمة؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يلزم القطع لأنه لا يحل ثمنها كالحرة. والثاني: يلزم القطع وهو الأصح لأنها مضمونة بالقيمة.
فرع آخر
لو سرق حرًا صغيرًا لا يعقل لا يلزمه القطع لأنه ليس بملكٍ ولهذا لا يضمن باليد، وقال مالك: يلزمه القطع لأنه حيوان غير مميز كالعبد الصغير وهذا لا يصح لأن العبد مملوك بخلاف الحر.
فرع آخر
لو كان الحر نائمًا على متاع فسرقه مع المتاع لا يقطع لأن يده على المتاع، وقد ذكرنا حكم الصغير إذا سرقه مع حر نائم عليه، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه