فرع آخر
لو أخرج ساجةً أو جذعًا طويلًا فلحقه الصراخ قبل أن يخرج جميعها من الحرز فلا قطع عليه، وكذلك بعض العمامة فلا قطع حتى يخرج جميعها بعضها لا ينفرد بحكمه، فإذا كان البعض في الحرز فكأنه لم يخرج شيئًا منه، ألا ترى أنه لو كان طرف العمامة على النجاسة وطرفها على المصلي لم تصح صلاته.
فرع آخر
لو نقب في موضع فانثال منه طعامٌ وخرج منه ما يساوي نصابًا وجب القطع لأن خروجه بفعله فصار كما لو أخرجه بيده لأنه لا خلاف أنه لو أخرج دفعةً واحدةً ما يساوي ربع دينار قطع فكذلك هنا، وحكى أبو إسحاق فيه وجهًا آخر: أنه لا يقطع لأنه يضاف إليه الحرز الأول الذي خرج والباقي خرج بسبب فعله وبالسبب يجب الضمان دون القطع، وذكر القفال فيه وجهين على الإطلاق.
فرع آخر
لو نقب بيتًا وأخذ متاعًا لا يساوي ربع دينارٍ فمضى وأحرزه ثم رجع وأخذ شيئًا آخر بني بعضه على بعضٍ فإذا بلغ ما يساوي ربع دينار قطع، ذكره القاضي أبو حامد وهو اختيار ابن سريج وهو المذهب الصحيح، وقال أبو إسحاق: لا يقطع لأنه أخرج النصاب بفعلين فلم يبن أحدهما على الآخر كما لو دخل اثنان النقب وأخذ كل واحد منهما [61/ب] ثُمن دينارٍ لا يقطعان وهو الصحيح، لأن فعل الواحد يبنى بعضه على بعضٍ كما لو خرج وقتل بخلاف ما لو خرج أحدهما وقتل الآخر ولأنه لو طر جيب رجل وجعل يخرج منه الدراهم درهمًا درهمًا يلزمه القطع كذلك هنا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن خرج البعض ووضعه في باب النقب ثم عاد وأخذ الباقي يقطع لأن هذا في العادة يعد سرقةً واحدةً، وإن عاد إلى داره معه بعض النصاب ثم رجع وأخذ الباقي لا يقطع لأنهما سرقتان في العادة.
فرع آخر
لو نقب فأدركه الصبح فمضى وعاد في الليلة الثانية ودخل النقب وسرق قال الشافعي: لا يقطع. قال أصحابنا: معناه إذا كانت المراعاة تأتي عليه فأما إن كان مثله يخفى يومًا وأكثر فعاد إليه وسرق يقطع، وقيل: فيه ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: وهو قول أبي إسحاق: لا يقطع لأنه إذا لم يقطع في ليلةٍ واحدة ففي ليلتين أولى، وقال ابن سريج: يقطع لأن سرقته بلغت نصابًا في حرزٍ هتكه. وقال ابن خيران: يُنظر فإن علم الناس به وعرفوا أن الحرز انتهك فلا قطع، وإن لم يكن علم به الناس يقطع. وهكذا الأوجه إذا سرق ثمن دينارًا ثم عاد في الليلة الثانية وأخذ ثمنًا آخر. وإن علم صاحبه فسد النقب ثم جاء فنقبه ثانيًا وأكمل النصاب لا يقطع بلا خلاف.