واحدًا وهو اختيار صاحب "الإفصاح" لأنهما لم يشتركا في النقب ولا في الإخراج فأشبه ما إذا نقب أحدهما وانصرف ثم جاء آخر فدخل وأخذ المال بخلاف المسألة قبلها. والثانية فيه قولان أيضًا لأنهما اشتركا في السرقة وهذا ضعيف.

فرع آخر

لو نقباه ودخل أحدهما فأخذ المال ولم يدخله الآخر في النقب ولكنه تركه في الدار، ثم أدخل يده وأخذ قطع الآخذ لأنه حصل منه هتك الحرز وإخراج المتاع من الحرز فيلزمه القطع، وأما الذي قربه إلى باب النقب لا يلزمه القطع.

فإن قال قائلٌ: ما بال الشافعي جعل الاشتراك في الإخراج شبهة في إسقاط القطع حيث قال: ولو وضعه في بعض النقب فأخذه رجلٌ من خارج لم يقطع ولم يجعل الاشتراك في النقب شبهة في إسقاط القطع بل قال: إذا نقبوا جميعًا فأخرج بعضهم المال قطع المخرج خاصة؟ قلنا: إنما أسقط الشافعي القطع إذا وضعه في النقب لأن حقيقة الاشتراك في الإخراج غير موجود. ولكن فعل أحدهما بعض الإخراج ولم يكمله وانقطع [58/أ] فعله ثم تناوله الثاني ففعل بعض الإخراج لا جميعه وإنما يشتركان على الحقيقة بأن يأخذا شيئًا ثقيلًا فيحملان معًا أو بساطًا فيجراه معًا. فإن قيل: فاشتراكهما في النقب هكذا أيضًا لأن أحدهما فعل بعض النقب، والثاني فعل الباقي، وفعل كل واحدٍ منهما متميز عن فعل الآخر قيل: حقيقة الاشتراك في النقب لا يكون إلا هكذا إذ يبعد في العادة أن يأخذ الفأس أو السكين فينقبا ولا يكاد يحصل النقب بمثل هذا الفعل فلما تحقق الاشتراك المتناهي في النقب جعل كل واحدٍ منهما كالمنفرد به وصار كما لو اشتركا في قطع يدٍ بإمرار الحديدة معًا من أحد الجانبين إلى الجانب الثاني فيكون كل واحدٍ منهما كالمنفرد بالإبانة في وجوب القصاص. فأما بعض الإخراج إذا وجد من واحدٍ والبعض من الثاني فالاشتراك في الإخراج درجة وراء هذه الدرجة فلا يجعل كالمنفرد بالإخراج ولكن منزلتهما منزلة من لو قطع أحدهما بعض مفصل اليد منفردًا ثم جاء الثاني فقطع الباقي منفردًا ولا قصاص على واحدٍ منهما، وقال بعض أصحابنا بخراسان: الاشتراك في النقب لا يكون إلا بأن يأخذ آلة واحدة بأيديهما فينقبا معًا وهذا غير صحيح وما ذكرناه أصح.

فرع آخر

لو نقب أحدهما ودخل الذي لم ينقب وكان في الدار حافظٌ متيقظٌ فأخذ نصابًا وأخرجه من الحرز قطع الآخذ، لأن الحرز قائم بالحفاظ ويخالف إذا لم يكن في الدار أحدٌ [58/ب] لا قطع عليه لأنه لم يهتك الحرز وإنما دخل في حرز مهتوك وليس على الآخر قطعٌ لأنه حصل منه هتك الحرز ولم يأخذ المتاع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015