وقال أبو حنيفة، ومالك: لا أقتص من ذكر الفحل بذكر الخصي، ولا الذكر المنتشر بغير المنتشر لنقصهما وقلة النفع بهما فلم يقتص من كامل بناقص، وهذا فاسد، لقول الله تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [النحل: 126]. ولأنهما قد اشتركا في الاسم الخاص مع تمام الخلقة والسلامة من الشلل فجرى القصاص بينهما كسائر الأطراف، ولأن ذكر العنين صحيح وعدم الإنزال لعلة في الصلب، لأنه محل الماء، وكذلك ذكر الخصي صحيح، والنقص في غيره وهو عدم الأنثيين، ولأنه ليس في العنة والخصي أكثر من فقد الولد، وهذا المعنى لا يؤثر في سقوط القود، كما يؤخذ ذكر من ولد له بذكر العقيم، وكما يؤخذ ثدي المرضعةً ذات اللبن بثدي من لا ترضع وليس لها لبن، وفيما ذكرناه انفصال. فأما الذكر الأشل فلا قصاص فيه من السليم كما لا يقتص من اليد السليمة بالشلاء، وشلل الذكر هو أن يستحشف أو ينقبض فلا ينبسط بحال، وينبسط فلا ينقبض بحال أو ينقبض باليد فإذا فارقته انبسط، أو ينبسط باليد فإذا فارقته انقبض، فهذا هو الأشل على اختلاف أنواع شلله، فلا يقتص منه إلا بأشل ولا يمنع اختلاف أنواع الشلل من جريان القصاص بينهما لعموم النقص وعدم المنفعة.

فصل:

فإن قطع حشفة الذكر كان فيها القصاص، لأنها معلومة الغاية ولا يمنع اختلافهما في الصغر والكبر من جريان القصاص بينهما، ولو قطع بعض ذكره اقتص منه إذا أمكن، لأنه عصب يمكن قطعه وليس فيه عظم يتشظى كالذراع، فيقدر المقطوع من ذكر المجني عليه، فإن كان نصفه قطع نصف الذكر الجاني، سواء كان أكبر من ذكر المجني عليه أو أقل، وإن كان ثلثه قطع ثلث ذكر الجاني، ولا يؤخذ بقدر المقطوع: لأنه قد يكون نصف ذكر المجني عليه بقدر الثلث من ذكر الجاني، فيؤخذ نصف ذكره ولا يقتصر على ثلثه اعتبارًا بمقدار المقطوع من بقية ذكره لا من ذكر الجاني.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: ((وبأنثيي الخصي القصاص لأن ذلك طرف وإن قدر على أن يقاد من إحدى أنثيي رجل بلا ذهاب الأخرى أقيد منه وإن قطعهما ففيهما القصاص أو الدية تامةً)).

قال في الحاوي: أما القود في الأنثيين فواجب، لأنهما عضوان من أصل الخلقة فيهما منفعة ويخاف من قطعهما على النفس فأشبها الذكر، فيؤخذ أنثيا الشاب بأنثيي الشيخ، وأنثيي الرجل بأنثيي الصبي، وأنثيي من يأتي النساء بأنثيي العنين، وأنثيي الفحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015