المرأة يجتذب الفرج الماء إذا نزل كما تحبل البكر هكذا. ولا يقبل فيه قول الأطباء أنه ترق مادته فلا يكون منه الولد. والذي قاله في "الأم" أراد به إذا كان ممسوحًا أيضًا على ما نقله المزني؛ لأنه يمكن مع ذلك نزول الماء وتبقى بقية ولا يقبل قول أهل الظن في ذلك أنه لا يولد له؛ وهذا اختيار مشايخ خراسان، وجماعة من أهل العراق. ولا يصح ما نقل عن "الأم". وعندي ما تقدم أصح للعادة الجارية في ذلك، وقال القاضي أبو حامد في أصل الذكر: إذا قطع ثقبتين إحديهما مخرج البول، والأخرى مخرج المني فإن كان مخرج المني انسد والتحم لم يلحق به الولد لاستحالة إنزاله، وإن كان مخرج المني باقيًا كبقاء مخرج البول يلحق به الولد لجواز إنزاله؛ والنصان على هاتين الحالتين. ومن أصحابنا من قال: ما نقله المزني هو المجنون تصحف من الناقل فيلحق به الولد لأنه كالعاقل في النسب، فلا يقال: لأن العلم لا يحيط أنه لا يحمل له أو يحمل له؛ وإنما يقال ذلك في المجبوب، ولأنه قال: إلا أن ينفيه بلعان، ولا يصح لعان المجنون.

مسألة: قال: "ولو قالَ: قذفتكِ وعقليَ ذاهبٌ، فهو قاذفٌ إلَّا أَنْ يعلمُ أَنْ ذلكَ يصيبهُ فيصدقُ".

صورة هذه المسألة: أنها ادعت أنه قذفها، وأقامت البينة فقال في جوابه: كان هذا مني وعقلي ذاهب، ولم يقل: قذفتها وعقلي ذاهب، فلا يخلو من أحد أمرين؛ [180/ أ] إما أن يعترف له حال جنون أو لا يعترف، فإن لم يعترف له ذلك فالقول قول المقذوفة لأن الظاهر من أمر الناس الصحة والسلامة وثبات العقل وإن عرف أنه قذفها في حال إفاقته يلزمه الحد، وإن أشكل فالقول قوله لأنه إذا أمكن أن يكون واحد منهما وتساوي الحالان في الاحتمال كان المرجع آلي قوله لأن الأصل براءة الذمة والحد يسقط بالشبهة وهذا هو المنصوص في كتبه وهو الأصح. ومن أصحابنا من قال: فيه قول مخرج لا يقبل قوله في ذلك والقول قولها لأن الأصل الصحة والسلامة ووجوب الحد وهذا التجريح مما قال الشافعي: إذا كان قدّ ملفوفًا بنصفين ثم اختلف هو ووليه في حياته فيه قولان؛ أحدهما: القول قول القادّ لأن الأصل براءة الذمة. والثاني: القول قول الولي لأن الأصل الحياة وقيل في المسألة قولان: على الإطلاق وهو غير صحيح، فإن قيل: إذا قطع لسان كبير أو يده وادعى الشلل فيه قلتم: القول قوله الجاني قولًا واحدًا ولم نعتبر الصحة والسلامة في الأصل، قيل في القذف: الصحة والسلامة في الحال موجودة وفي العضو لا تعرف السلامة ويحتمل أنه كان سليمًا ويحتمل أنه كان أشل فكان القول قول الجاني لأن الأصل براءة الذمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015