الفصل

إذا حلف لا يقربها لا يخلو إما أن يطلق أو تعلقه مدة أو يعلقه بفعل، فإن أطلق فقال: والله لا أطأك كان موليًا لأنه يقتضي التأبيد، وكذلك لو قال: أبدًا أو قال ما عشت أو عشتِ أو عشنا لأنه هو الأبد في حقها، وإن علقه بمدة محدودة نظر فإن زادت على أربعة أشهر كان موليًا، وإن كانت أربعة أشهر فما دونها لا يكون موليًا على ما ذكرنا وإن علقه بمدة محدودة نظر، فإن زادت على أربعة أشهر كان موليًا، وإن كانت أربعة أشهر فما دونها لا يكون موليًا على ما ذكرنا، وإن علقه بفعل فهو على خمسة أضرب ضربان منها يكون موليًا فيهما، أحدهما: أن يعلقه بما يقطع أنه لا يكون إلى أربعة أشهر كقوله: إلى يوم القيامة لأن صاحب الشرع أخبر أن بين يدي الساعة إمارات وأشراطًا تزيد مدتها على أربعة أشهر، وهكذا لو قال: لا أطأكِ حتى أخرج إلى اليمين وهو بالعراف. والثاني: أن يعلقه بما لا يقطع به أنه لا يكون إلى أربعة أشهر ولكنه يغلب على الظن أنه لا يكون إلى ذلك الوقت كنزول عيسى ابن مريم صلى الله على نبينا وعليه وسلم وخروج الدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها فيكون موليًا هاهنا أيضًا أحدًا بغالب الظن، ومن أصحابنا من جعل أشراط الساعة كلها كالقيامة في أنه يكون موليًا قطعًا لأن لها إمارات منذورة كالقيامة تتأخر قبل وجودها عن مدة التربص. وقال القاضي الماوردي الصحيح من إطلاق الوجهين فيه أن يقال: ما صحت به أخبار الأنبياء أنه يترتب فيكون بعضها بعد بعض كنزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم يكون بعد ظهور الدجال كان إيلائه إلى نزول عيسى صلى الله عليه وسلم قطعًا وإيلاؤه إلى ظهور الدجال [103/أ].

فغلبه الظن لجواز حدوثه قبل أربعة أشهر، وما لم يترقب منها فهو مولٍ بغلبة الظن دون القطع، وهذا من الإخلاف الذي لا يفيد؛ لأن موجب الإيلاء فيما لا يختلف.

ومن أصحابنا من قال: قوله: "حتى أموت، أو تموتي، أو يموت زيد" من هذه الجملة؛ لأن الناس يستبعدون بعضهم موت بعض، ويقصدون بمثل هذا التأبيد والتبعيد وهو ظاهر المختصر، ذكره القفال، والقاضي الطبري وجماعة.

ومن أصحابنا من قال: هذا صحيح في قوله: "حتى تموتي أو أموت، لأنه عبارة عن التأبيدـ، إذ لا يتصور الوطئ بعد موت أحدهما، ولو أطلق التقت بمدة حياتهما، فأما إذا قال: حتى يموت فلان فلا يكون موليًا، كقوله: حتى يقدم زيد لتردد حاله بين الموت والبقاء، ولو كان إيلاء الزوجين مطلقًا لم يتقدم بموته. وقيل: إن كان زيد في مرض مخوف لم يكن موليًا قولاً واحدًا؛ لأن الظاهر من حاله موته قبل مدة التربص لإمارات الموت، وإن كان زيد صحيحًا أو في مرض غير مخوف، فيه وجهان على ما ذكرنا أن الظاهر بقاؤه إلى مدة التربص، وهذه الصلة موجودة هاهنا، والدليل على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015