كتاب الرجعة

قال: قال الله تعالى في المطلقات: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231].

الفصل

الأصل في ثبوت الرجعة الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231]، والإمساك الرجعة والتسريح أن يدعها ولا يراجعها حتى تسرح بانقضاء العدة. وقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 822] يعني برجعتهن، وقوله تعالى: {إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 822]، قال الشافعي رحمه الله تعالى: عليه إصلاح الطلاق بالرجعة وقيل: أراد إن أراد البعل إصلاح ما تشعث من النكاح بالطلاق، وقال عطاء ابن أبي رباح في هذه الآية: أراد الصلاح في الدين والتقوى، ولا تصح الرجعة إلا لمن أراد بها إصلاح دينه وتقوى ربه وهذا مذهب نفرد به.

وأما السنة فما روي في خبر ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم [72/ ب] قال لعمر رضي الله عنه: "مر ابنك فليراجعها" حين طلق امرأته وهي حائض، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل صلى الله عليه وسلم فقال لي: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة". وروي الهيثم بن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسودة: "اعتدي فجعلها تطليقة، فجلست في طريقه فقالت: إني أسألك بالله لما راجعتني واجعل نصيبي منك لك تجعله لأي أزواجك شئت إنما أريد أن أحشر مع أزواجك يوم القيامة فراجعها".

وأما الإجماع: فلا خلاف بين المسلمين في ثبوتها، فإذا تقرر هذا ذكر الشافعي رحمه الله تعالى عليه قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 213] وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ} [البقرة: 232] الآية، ثم قال: "فدل سياق الكلامين على افتراق البلوغين". ومعناه أن المراد بلوغ الأجل في الآية الأولى معاونة البلوغ لأنه إذا بلغ أجلها وانقضت عدتها فلا سبيل للزوج إلى إمساكها بالرجعة، وفي الآية الثانية: أراد به حقيقة البلوغ لأنه خاطب الأولياء بترك العضل إذا أردن النكاح وهذا يكون بعد انقضاء العدة، فأما قبل ذلك فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015