فصل: فأما إذا أوصي له بسهم من ماله، فقد اختلف الناس فيه فحكي عن ابن مسعود والحسن البصري، وإياس بن معاوية، وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل أن له سدس المال. وقال شريح: يدفع له سهم واحد من سهام الفريضة. وقال أبو حنيفة: يدفع إليه مثل نصيب أقل الورثة نصيبًا، ما لم يجاوز السدس، فإن جاوزه أعطي السدس. وقال أبو يوسف، ومحمد: يعطي نصيب أقلهم مثل نصيبًا ما لم يجاوز الثلث، فإن جاوزه، أعطي الثلث. وقال أبو ثور: أعطيته سهمًا من أربعة وعشرين سهمًا. وقال الشافعي: السهم اسم عام لا يختص بقدر محدود لانطلاقه على القليل والكثير، كالحظ والنصيب، فيرجع إلى بيان الوارث. فإن قيل: فقد روي ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض لرجل أوصي له سهمًا سدسًا. قيل: هي قضية في عين، يحتمل أن تكون البينة قامت بالسدس واعترف به الورثة. وإذا ثبت أنه يرجع فيه إلى بيان الورثة قبل منهم ما بينوه، من قليل أو كثير، فإن نزعوا، أحلفوا فإن لم يبينوا لم يخل حالهم من أن يكون عندهم بيان، أو لا يكون فإن لم يكن عندهم بيان: رجع إلى بيان الموصي له. فإن نوزع حلف. وإن لم يكن عند الموصي له بيان وقف الثلث على ما يكون من بيان أحدهما، وتصرف الورثة في الثلثين، وإن كان عندهم بيان، فأبوا أن يبينوه ففيه وجهان من اختلاف قوليه فيمن أقر بمجمل وامتنع أو يبين أحدهما: يحبس الورثة حتى يبين.
والثاني: يرجع إلى بيان الموصي له والله اعلم.
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله- تعالى: «ولو أوصي لرجل بثلث ماله ولآخر بنصفه ولآخر بربعه فلم تجز الورثة قسم الثلث على الحصص وإن أجازوا قسم المال على ثلاثة عشر جزءًا لصاحب النصف ستة ولصاحب الثلت أربعة، ولصاحب الربع ثلاثة حتى يكونوا سواءًا في العول».
قال في الحاوي: وصورتها في رجل أوصي لرجب بنصف ماله، ولآخر بثلثه، ولآخر بربعه.
فقد عالت المسألة على كل حاله فلا يخلو حال ورثته من ثلاثة أحوال أما أن يجيزوا جميعًا، أو لا يجيزوا جميعًا، أو يجيز بعضهم، ويرد بعضهم فإن أجازوا جميعًا: قسم المال بينهم على قدر وصاياهم، وأصلها من اثني عشر، لاجتماع الثلث والرابع، وتعول بسهم، وتصح من ثلاثة عشر، لصاحب النصف ستة أسهم ولصاحب الثلث أربعة أسهم، ولصاحب الربع ثلاثة أسهم. وكان النقص بسهم العول داخلًا على جميعهم، كالمواريث وهذا متفق عليه، لم يخالف أبو حنيفة ولا غيره فيه، والله أعلم.
فصل: وإن رد الورثة الوصايا بكل المال رجعت إلى الثلث، وكان الثلث مقسومًا