فإن وصى بثلثه لقاتل زيد، فإن كان قبل القتل، لم يجز لما ذكرنا وإن كان بعد قتله جاز، وكان القتل تعريفًا. وهكذا لو وهب في مرضه لقاتله هبة أو حاباه في بيع أو أبرأه من حق فكل ذلك على قولين، لأنها وصية له تعتبر من الثلث. وهكذا لو أعتق في مرضه عبدًا فقتل العبد سيده، كان له في عقته قولان، لأن عتقه وصية له ولكن لو وهب هبة في صحته، أو أبرأ من حق، أو حابي في بيع، أو أعتق عبدًا ثم إن الموهوب له قتل الواهب، والمبرأ قتل المشتري، والمحابا قتل المحابي، والعبد المعتق قتل سيده، كان ذلك كله نافذًا ماضيًا؛ لأن فعله في الصحة يمنع من إجرائه مجرى الوصية. ولو جرح رجل رجلًا ثم إن المجروح وصي للجارح بوصية، ثم أجهز على الموصي آخر فذبحه جازت الوصية للجارح الأول، لأن الذابح الثاني صار قاتلًا ولو لم يكن الثاني قد ذبحه ولكن لو جرحه صار الثاني والأول قاتلين، فرد الوصية للأول على أحد القولين. وإذا قتل المدبر سيده، فإن قيل إن التدبير وصية، ففي بطلان عتقه قولان، لأنه يعتق من الثلث، ولو قتلت أم الولد سيدها بعد عتقها قولًا واحدًا لأمرين:
أحدهما: أن عتقها مستحق من رأس المال.
والثاني: أن في استبقائها على حالها إضرار بالورثة لأنهم لا يقدرون على بيعها وخالف استيفاء رق المدبر للقدرة على البيعة، ثم ينظر في أم الولد إذا كان قتلها عمدًا فإن لم يكن ولدها باقيًا، قتلت قودًا، وإن كان باقيًا، سقط القود عنها، لأن ولدها شريك للورثة في القود منها، وهو لا يستحق القود من أمه. فسقط حقه وإذا سقط القود عنها، في حق بعض الورثة سقط في حق الجميع، ولو أن رجلًا وصي لابن قتله، أو لأبيه أو لزوجته ولو أوصي لعبد القاتل لم تجز في أحد القولين، لأنها وصية للقاتل.
ولو أقر رجل لقاتله دين، كان إقراره نافذًا قولًا واحدًا، لأن الدين لازم وهو من رأس المال فخالف الوصايا، ولو كان للقاتل على المقتول دين مؤجل حل بموت المقتول، لأن الأجل حق لمن عليه الدين لا يورث عنه، وليس كالمال الموروث، إذا منع القاتل منه صار إلى الورثة، وسواء كان القتل في الوصية عمدًا أو خطأ، كما أن الميراث يمنع منه قتل العمد والخطأ، فلو أجاز الورثة للقاتل، وقد منع منهما في أحد القولين، كان في إمضائها بإجازتهم وجهان من اختلاف قوليه في إمضائهم الوصية للوارث فإن قلنا: إن الوصية للوارث مردودة ولا تمضي بإجازتهم ردت الوصية للقاتل، ولم تمض بإجازتهم. وإن قلنا: إنه يمضي الوصية للوارث بإجازتهم أمضت الوصية للقاتل بإجازتهم. والأصح: إمضاء الوصية للوارث بالإجازة ورد الوصية للقاتل مع الإجازة، لأن حق الرد في الوصية إنما هو للوارث لما فيه من تفصيل الموصي له عليهم فجازت الوصية له بإجازتهم وحق الرد في الوصية للقاتل إنما هو للمقتول، لما فيه من حسم الذرائع المقتضية إلى قتل نفسه، فلم تصح الوصية بإجازتهم.
فصل: وأما الوصية للعبد، فإن كان لعبد نفسه لم يجز، لأنها وصية لورثته. وإن