الحرية والإسلام صار الحر والمسلم أقوى حالاً من العبد والكافر لاتفاقهما في الحكم واشتراكهما في الصفة ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر "فأثبت الولد للفراش ودون الاشتراك في الحرية والدين ولأن كل من سمعت دعواه إذا كان منفردًا لم يدفع عنها إذا كان منازعًا كالحرين والمسلمين ولأن كل دعوى لا يمنع الذمي منها مع البينة لم يدفع عنها بغير بينة كالمال، فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يعلو ولا يعلى "فمن علوه الانقياد لحقوق أهل الذمة على أن علوه باليد ونفوذ الحكم ونحن نجري على الولد وإن لحق به أحكام الإسلام، وأما قوله إنه موافق لحال الحر والمسلم دون العبد والكافر فهذا فاسد بتفرد العبد والكافر بادعائه وبمسلم وكافر تنازعا لقيطًا في دار الحرب فقد أجرى عليه حكم الشرك فإنهما فيه سواء ولا يغلب الكافر على المسلم لحكم الدار كذلك في دار الإسلام يغلب المسلم على الكافر لحكم الدار.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "غَيَرَ أَنَّ الذِّمِّيِّ إِذَا ادَّعَاهُ وَوُجِدَ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ فَأَلْحَقْتُهُ بِهِ أَحْبَبْتُ أّنْ أَجْعَلَهُ مُسْلِمًا فِي الصَّلاةِ عَلَيْهِ وَأَنْ آمُرّهُ إِذَا بَلَغَ بِالإِسْلاَمِ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى: إِنَّا نَجْعَلُهُ مُسْلِمًا لأَنَّا لَ نَعْلَمُهُ كَمَا قَالَ. قَالَ المُزَنِيُّ: عِنْدِيِ هَذَا أَوْلَى بِالحَقُ لأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ لَمْ يَزلْ حَقُّهُ بِالدَّعْوَى فَقَدْ ثَبَتَ لِلإِسْلاَمِ أَنّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَجَرَى حَكْمُهُ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَلاَ يَزُولُ حَقُّ الإِسْلاَمِ بِدَعْوَى مُشْرِكِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ وَوَصَفَ الإِسْلاَمِ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ وَمَنَعْنَاهُ أَنْ يَنْصُرَهُ فَإِذَا فَامْتَنَعَ مِنَ الإِسْلاَمِ لَمْ يَكُنْ مُرْتَدَّا نَقْتُلُهُ وَأَحْبِسُهُ وَأُخِيفُهُ رَجَاءَ رُجُوعِهِ. قَالَ المُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللهُُ: قِيَاسُ مَنْ جَعَلَهُ مُسْلِمًا أَنْ لاَ يَرُدَّهُ إِلى النَّصْرانِيَّةِ".

قال في الحاوي: وصورتها في ذمي ادعى لقيطًا ولدًا وألحقناه به نسبًا فهذا على ضربين:

أحدهما: أن يلحق به بعدما صار مسلمًا وصلى وصام والتزم شرائع الإسلام فهذا يجري عليه حكم الإسلام وإن لحق نسبه بذمي، لأن فعله للإسلام أقوى من إتباعه لغير في الكفر فهل يصير بوصف الإسلام قبل البلوغ مسلمًا حتى لو رجع بعد البلوغ صار مرتدًا أم لا على ما ذكرنا من الوجوه الثلاثة:

أحدها: أنه لا يصير بذلك مسلمًا وسواء ألحق بالذمي بمجرد الدعوى أو ببينة شهدت له بأنه ولد على فراشه.

والثاني: أن يلحق به في صغره وطفولته وقبل صلاته وصيامه فهذا على ضربين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015