وقال سائر أصحابنا: هو دم فساد، ولو كانت صائمةً لا يبطل صومها، وإذا لم تر الدم بعد انفصاله، وكان الولد خرج وحده. وقد ذكرنا أنه لا يلزم الاغتسال به في أحد الوجهين، وهذا هو المذهب؛ لأن ما قاله أبو إسحاق يؤدي إلى أن يزيد أكثر النفاس على ستين يومًا، لأنه لا خالف أن ابتداء الستين عقيب انفصال الولد، ولأنه دم انفصل قبل انفصال الولد فأشبه ما خرج قبله، ولو أتت المرأة بولدين توأمين بينهما أقل من أقل مدة الحمل، فالنفاس لهما، وهل يعتبر من الولد الأول أو الثاني؟ قال ابن القاضي: فيه ثلاثةً أوجه أحدها: أن أول النفاس من الولد الأول حتى لو رأت بين الولدين تسعةٌ وخمسون يومًا فعد الولد الثاني لا نفاس لها إلا يومًا، وإن جاوز فهي استحاضةً النفاس، وبه قال أبو حنيفةً وأبو يوسف، وقال: أكثر النفاس أربعون يومًا فلو كان بين الولدين، أربعون يومًا لم يكن بعد الولد الثاني نفاس أصلًا، وهذا لأنه دم يعقب الولادةً فيجب أن يكون نفاسًا كما في الولد الواحد، والثاني يعتبر من الولد الثاني وهو [324 أ/1] المذهب؛ لأن التوأمين هما كالولد الواحد ولهذا في حكم الرجعةً كذلك حتى لا ينقطع إلا بانفصالها فكان ابتداء النفاس بعدهما، وبه قال زفر، ومحمد، وعلى هذا ما لو رأت قبل الولد الثاني استحاضةً لا يتعلق به حكم النفاس، ولأن ما قاله القائل الأول يؤدي إلى المحال، وذلك أنه ربما يقع بينهما أكثر النفاس، ورأت مع الثاني دمًا مثل ما رأت مع الأول، فإن قال: لا يكون نفاسًا فمحال، لأن الولد الثاني كالأول فكيف يجعل الأول نفاسًا دون الثاني مع رؤية الدم على صفةً واحدةً، وإن قال: يكون نفاسًا وهو قوله: يؤدي إلى أن يزيد النفاس على ستين يومًا،
ولا يقال: هما نفاسان متميزان وهذا عذر هذا القائل من غير إشكال لأنه لم يتخلل الطهر بينهما، والثالث أول النفاس هو من الولد الأول وآخره من الولد الثاني، ولا تبالي إن تجاوز ما بين الولد الأول إلى آخر الدم ستين، وهذا هو اختيار ابن أبي أحمد، ووجهه آن كل واحد منهما هو سبب في إثبات، حكم النفاس بدليل حالة الانفراد فإذا اجتمعا ثبت لكل واحد منها نفاس وتداخلًا فينما اجتمعا فيه، ويفارق هذا خروج الدم قبل انفصال الولد؛ لأنه لم يوجد سبب النفاس. ثم [325 أ/1] أعلم أنه إذا اتصل النفاس إلى شيئين يومًا تتعلق به أحكام الحيض أجمع، وإن انقطع الدم في يوم، ورأت طهرًا يومًا، ورأت خمسةً دمًا وخمسةً طهرا أو عشرةً، وعشرةً إلى الستين تبنى على القولين، فإن قلنا: إنها لا تلفق الدماء فالكل نفاس، وإن قلنا: أنها تلفق فأيام الدم نفاس وأيام النقاء طهر، وقد مضت فائدةً التلفيق في الحيض، وعلى كل لون وجد الدم في الستين فهو نفاس كالموجود في حق الحائض في مدةً خمسةً عشر يومًا، وإن رأت الدم دون يوم وليلةً