مسألة: قال (?): " ولو كان ثواباً فصيغه فزاد في قيمته".

الفصل

وهذا كما قال: إذا غصب ثوباً فصبغه لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون الصبغ من عند الغاصب، أو من عند غيره فإن كان من عنده لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يزيد، أو ينقص، أو لا يزيد ولا ينقص فإن لم يزد ولم ينقص مثل إن كانت قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ عشرة وكانا بعد الصبغ بقيمة عشرين فهما شريكان هذا بثوبه وهذا بصبغه ولا ضمان على الغاصب لأن الثوب ما زاد وما نقص وفيه بعد هذا مسائل وهي إن اختاراً أن يكون الثوب بحاله لهما فعلا، وإن اختارا بيعه كان الثمن بينهما نصفين، وإن أراد الغاصب إزالة الصبغ عن الثوب كان له ثم إذا أزاله نظر، فإن زادت قيمة الثوب أو لم تزد ولم تنقص فلا شيء له ولا عليه وإن نقصت فعليه ما نقص وإن اختلفا وتنازعا فقال صاحب الثوب: يباع الثوب، وقال الغاصب: أنزع الصبغ فللغاصب نزعه لأنه عين ماله، ولو قال صاحب الثوب أنزع الصبغ، وقال الغاصب: يباع اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: يجبر على نزع الصبغ كما يجبر على قلع الغراس والبناء في الأرض المغصوبة وبه قال ابن خيران وأبو إسحاق وهذا لأن الغاصب متعدَّ بصبغه فلا يستحق بتعديه إزالة ملك رب الثوب عن ثوبه، ومنهم من قال: لا يجبر عليه لأنه إذا قلعه لم ينتفع به ولا يجبر على استهلاك ماله وبه قال ابن سريج وهو ظاهر المذهب لأن الشافعي قال: إن شئت فاستخرج الصبغ، وإن شئت فأنت شريك فجعله إلى اختيار الغاصب ولم يجبر على نزعه والفرق بينه وبين البناء والغراس أنه ينتفع بمقلوع البناء والغراس بخلاف هذا.

وقال أبو حنيفة: إن كان الصبغ سواداً لا شيء للغاصب فيه ورب الثوب بالخيار بين أن يأخذه ولا شيء عليه للصبغ وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ منه قيمته، وإن كان [35/ب] حمرةً أو صفرةً فهو مخير بين أن يأخذه وعليه قيمة الصبغ وبين أن يعطيه الغاصب ويأخذ منه قيمة الثوب، واختلف أصحابه لم خصَّ السواد بإسقاط قيمته فقيل لما فيه من إتلاف أجزاء الثوب، وقال بعضهم: إنما قاله في آخر الدولة الأموية حين كان السواد نقصاناً مذموماً.

فأما بعد أن صار شعار الدولة العباسية وزيادة في الثوب على غيره من الألوان فلا، وهذا ضعيف وتعليلُ لا يختص بالسواد لأن من الألوان ما يكون نقصاناً تارةً وقد يكون زيادة أخرى فاقتضى أن يكون التعليل عاماً في اعتبار النقص وزيادته ولا يكون مختصاً بالسواد، وإن قال الغاصب: لا أختار أن أكون شريكاً فيه ولا أنزع الصبغ ولكني أهبه لصاحب الثوب هل يجبر على قبوله؟ وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015