بعض أصحابنا: يصير لأجل هذه البينة القول قوله المالك مع يمينه لأن الأصل بقاء هذه القيمة ما لم يعلم نقصها وهذا غلط لأن ما قبل الغصب غير معتبر والبينة فيه غير مسموعة، ولو اعتبر هذا لكان القول قوله بلا يمين.
فرع آخر
لو شهدت البينة أن قيمتها أكثر من مائة فهي شهادة بالمجهول هل يقبل؟ وجهان وقيل: نص الشافعي أنها لا تقبل لأنها شهادة بالمجهول. [34/أ].
فرع آخر
لو ادعى الغاصب أن قيمتها خمسمائة، وقال المالك: ألف فشهد شاهدان أن قيمتها أكثر من خمسمائة ولم يقولا: قيمتها ألفٌ تقبل هذه الشهادة حتى لا يقبل يمين الغاصب ما لم يقر بزيادة على خمسمائة فإن قال: بل ستمائة وشهد الشاهدان بأنها أكثر من ستمائة طالبنا الغاصب بزيادةٍ على ذلك وهكذا أبداً.
فرع آخر
لو لم يقم بينة على قيمته ولكن أقام شاهدين على صفات المغصوبة التالفة بأنها كانت تزكية حسناء صفتها كذا وقيل: إن كانت بهذه الصفات تكون قيمتها أكثر مما قال الغاصب قال في "الأم": لا تقبل هذه الشهادة ولا يسقط قول الغاصب بذلك لأنه يجوز أن يعلم الغاصب بها داء ينقص قيمتها به مع وجود هذه الصفات المشهودة بها ولأن اختلافهما في القيمة لا في الصفة فلم تسمع البينة في غير ما اختلفا فيه، ولأن الجاريتين قد تتفقان في هذه الصفات ولكن تتفاوتان في دقائق الصفات من العقل وخفة الروح وحسن النطق ولا يمكن التقويم عليها وإنما يمكن ذلك على المشاهدة، فإن كان الشاهدان مقوَّمين يقبل قولهما إذا قالا: صفتها كذا وقيمتها كذا ولو شهدا بالقيمة دون الصفة كفى ذلك، فإن قيل: إذا كان الوقوف على كيفية الجارية بالوصف لا يمكن لم جوَّزتم السلم فيها قيل: الأمر في باب السلم أوسع، ألا ترى أنه يكفي في السلم أن يعطيه أقل ما يقع عليه اسم ذلك الموصوف وفي الإتلاف لا يكفي ذلك.
فرع آخر
لو أقر الغاصب بالأوصاف وادعى مع ذلك أن قيمتها خمسمائة ويعرف أن الجارية بتلك الصفة تُسوى ألوفاً لا يقبل قوله لأنه غير ممكن ذكره القفال.
فرع آخر
لو قال المالك: لا أدري كم قيمة مالي، وقال الغاصب: لا أدري قلنا للمالك: لا بد من أن تبين قدراً: واتق الله فلا تدَّح إلا القدر المتيقن فإن بين قدراً قلنا للغاصب: لا بد لك من أن تقر به أو تدعي أقل من ذلك فيكون القول قولك ولا نرضى منك بقولك لا أدري.