مردودة على صاحبها وإن نقصت فعليه أرش النقص والأجرة معاً، وإن قال صاحب الأرض: لا أدعه يرد التراب إليها، وقال الغاصب: لا بد لي من الرد كان للغاصب أن يرده لأن له في ذلك غرضاً صحيحاً وهو أن يكون نقل التراب إلى أرض نفسه أو إلى أرض غيره غصباً أو إلى طريق المسلمين، وإن كان قد نقله إلى أرض المغصوب منه ليس له رده إليها لأنه لا يخاف منه تبعة في الثاني، وهكذا لو نقله إلى أرض موات ولو قال المالك: انقل التراب كله إلى الجانب الأقصى من الأرض لم يلزم الغاصب ذلك بل يلقيه حيث رفع ويسوي الأرض.
وقال المزني: ليس للغاصب طم البئر ورد التراب إلى الأرض لأن هذا أثر لا عين والآثار لا حق فيها للغاصب لأن ذلك مضرة على أخيه بما لا منفعة له فيه فلم يجز له وهو بمنزلة أن يغصب نُقرةً فطبعها دراهم أو غزلاً فنجه ثوباً أو طيناً فضربه لبناً لا يكون له نقصه ورده إلى حاله، كذلك ها هنا قلنا: المنفعة التي ذكرناها في دفن البئر منفعة ظاهرة وهي أن تسلم من الضمان في المستقبل مثل هذه المنفعة لا يوجد في نقص المنسوج وإفساد الطبع ورد اللبن إلى الطين وعلى هذا لو كان ضرب النقرة أنقص من غيار السلطان له نقضه ورده إلى حاله لأن له فيه غرضاً صحيحاً وهو أن يخرج من خوف السلطان فإن أقل ما فيه أن يُضرب على طريق التعزير ومن أهل العلم من جعل فيه القطع فكان له نقضه ورده إلى حاله حتى لا يظهر أمره، وإن كان بعيار السلطان لم يكن له ذلك لأنه لا غرض حتى لو كان يخاف من العقوبة على هذا أيضاً لأن الضرب إلى السلطان [33/أ] كان له نقضه، وأما في رد التراب إليها غرض صحيح على ما ذكرنا حتى لو نقل التراب إلى صحراء لا حق لأحد فيها، وقال المالك أبرأتك من ضمان التراب ليسر له الرد.
فرع
لو نقل عنها تراباً وأتلفه يلزمه رد مثله لأن للتراب مثلا فإن لم يقدر على المثل لأنه من تربة ليس في الناحية مثلها ضمن القيمة وفيها وجهان أحدهما: تقوَّم الأرض وعليها ذلك التراب ثم تقوم بعد أخذه منها ويضمن ما بين القيمتين، والثاني: يضمن أكثر الأمرين من هذا أو من قيمة التراب بعد نقله عن الأرض.
فرع آخر
لو غصب أرضاً وقلع منها شجراً والشجر باق ففي كيفية ضمانه ثلاثة أوجه أحدهما: يضمن ما بين قيمة الشجر قائماً ومقلوعاً لأنه متعدَّ على الشجر، والثاني: يضمن ما بين قيمة الأرض ذات شجر قائم وما بين قيمتها والشجر مقلوع فيها لأن تعديه قد سرى إلى الأرض، والثالث: يضمن أغلظ الأمرين لاجتماع العلتين في تغليظ الغصب، ولو استهلك الشجر حين قلعه فضمانه على الأوجه الثلاثة فعلى الوجه الأول يضمن قيمة الشجر قائماً، وعلى الوجه الثاني يضمن ما نقص من قيمة الأرض بقلع الشجر، وعلى