مسألة (?): قال: " ولو حفرَ فيها بئراً".

الفصل

وهذا كما قال: إذا غصب أرضاً فحفر فيها بئراً كان للمالك مطالبة الغاصب بطمّها فإذا فعل ذلك نظر، فإن لم يزدها ولم ينقصها أو زادت فليس على الغاصب إلا أجرة المثل، وإن نقصت فعليه أرش النقص وأجرة المثل من حين حفر إلى أن طمَّها وسوّاها إن كان لموضع البئر أجرة هكذا نص الشافعي، فإن كانت بحالها ولم يطالبه مالكها بطمها أو نهاه عن طمها كان ذلك له لأنه قد يقع فيها ما إذا تلف بها ضمنه وقد يكون نقل التراب إلى ملك نفسه أو ملك غيره أو طريق المسلمين، ولو قال له المالك: دع الطم وقد أبرأتك عن ضمان ما يتعلق بك بحفرها فهل له الطم؟ يبنى هذا على صحة البراءة وفيه وجهان:

أحدهما: يبرأ لأنه يصير [31/ب] كأنه مأذون له في حفرها ولا فرق بين الإذن المقترن بوقت الحفر وبين الإذن الطارئ وهو الصحيح وبه قال أبو إسحاق والمزني وأبو حنيفة.

والثاني: لا يبرأ لأنه إبراء مما لم يجب ولأنه إبراء عن حقوق سائر الناس وذلك لا يصح منه ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأن الإبراء عما لم يجب يصح إذا وجد سبب وجوبه وسبب الوجوب ها هنا موجود وهو الحفر ولو لم يتلفظ بالإبراء ولكنه منعه من طمها قال أصحابنا: ينبغي أن يكون الحكم كما لو تلفظ به لأنه يتضمن رضاه به فإن قال قائل: لمَ قال الشافعي فإن أراد الغاصب دفنها فذلك له، وإن لم ينفعه ودفع الضمان نفع ولا يخلو دفنها عن دفع الضمان قلنا: مراده بيان النفع في الحال ولا نفع له في الحال بل ربما يتضرر ويحتاج إلى نفقةٍ وأعوانٍ وإنما ينفعه ذلك في الثاني لأنه بدفنها يصير أمنا من ضمانها.

ولو وصل بالكلام فقال: وإن لم ينفعه في الحال كان كلامنا مستقيماً وقيل: معناه وإن لم ينفع المغصوب منه وللغاصب غرضٌ فيه على ما ذكرنا فإذا قلنا: لا يبرأ كان الحكم كما لو لم يبرئه وإذا قلنا: يبرأ برئ من ضمانها ثم ينظر، فإن كان له غرض في طمها مثل إن كان طرح ترابها في ملك نفسه أو ملك غيره والغير يطالبه بنقله أو يخاف أن يطالبه وإن لم يطالب بعد أو كان في طريق المسلمين كان له طمها لأن له غرضاً فيه، وإذا رد التراب ها هنا فليس له أن يبسطه على وجه الأرض إذا قال المالك: لا تبسطه وألقه في جانب من الأرض، ولو كان له عين مال من طوبٍ وخشبٍ له نزعه وان انهار البئر ثم يلزمه طمها، فإن قيل: أليس إذا خرق الثوب ليس له رفؤه لا بتلك الخرقة بعينها ولا بخرقة من عند نفسه فكذلك وجب أن لا يجوز له طم البئر؟ قلنا: الفرق أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015