مسألة الغرور بالحرية في نكاح الأمة إذا فسخ النكاح وغرم المهر هل يرجع على الغارّ بذلك المهر؟ قولان لأن الملك حصل له هناك ثم لما فسخ قطع على نفسه ذلك الملك [26/أ] بسبب العيب والغرور وها هنا في المستحقة لم يستحق الواطئ الوطئ فأتلف من غير استحقاق حتى إن كان الرجل ممن لا يحل له نكاح الإماء وغُرَّ من أمة فلم يصح النكاح ووطئ وغرم المهر لم يرجع بذلك على الغازّ قولاً واحداً كالمتسحقة سواء وفي هذا نظر ويحتمل خلافه.
مسألة (?): قال: "ولستُ أنظرُ في القيمةِ إلى تغيرِ الأسواق وإنما أنظرُ إلى تغيرِ الأبدانِ".
وهذا كما قال: قد بينا أن تغير السوق لا يوجب الضمان ما دام العين باقياً خلافاً لأبي ثور لما ذكرنا أنه ليس بنقصان عين ولا أثر ويخالف نقصان السَّمن ونسيان الصنعة لأنه نقصان يرجع إلى العين وهو المراد بتغير الأبدان ولأن رد العين أقوى من رد بدلها، ثم لو رد البدل وهو المثل ناقصاً قيمته عما كان يوم الغصب لا يضمن فلأن لا يجب الضمان الراجع إلى السوق عند رد العين أولى ولو تلف في يده يجب عليه أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى أن تلف في يده لأنه إذا وجبت القيمة ووجوبها مستند إلى حال الغصب وجبت أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف، ويخالف هذا إذا كانت قائمة فإن القيمة غير واجبة فلم يكن لنقصانها اعتبار.
فإن قيل: فكيف أطلق لفظه حيث قال: ولا أنظر إلى تغير الأسواق وقد نظر عند التلف إليه؟
قيل: أطلق الشافعي وأراد به تخصيص بعض الأحوال، ألا ترى أنه صور المسألة في الثوب الباقي حيث قال: أخذه من المشتري وما بين قيمته ثم عطف على هذه الصورة فقال: ولست أنظر في القيمة إلى تغير الأسواق وعلى ما ذكرنا لو غصب ثوباً يساوي مائة فحدث فيه خرق نقصت به من قيمته عشرة ثم نقص السعر عشرة أخرى يلزمه رده مع عشرةٍ وهي التي نقصت بحدوث العيب فيه، ولو غصب ثوباً فقطعه بنصفين وأتلف أحدهما: يلزمه قيمة النصف الذي أتلفه أكثر ما كانت من حين غصب إلى أن تلف، أما النصف الباقي ينظر فيه فإن كان يساوي [26/ب] نصف قيمة الثوب أكثر ما كانت يرده ولا شيء عليه لأنا علمنا أن الخرق لم ينقصه، وإن كانت قيمته أقل من نصف قيمة الثوب نظر في النقصان فإن كان لأجل القطع لزمه، وإن كان لنقصان السوق لم يلزمه.
مسألة (?): قال: "وإنْ كانَ المغصوب دابةً فشغَلهَا الغاصبُ أو لم يشغلها".