لأنهما تجبان بمعنى واحدٍ وهو اللبس فلا يجوز أن يجمع بينهما أو استهلاك الأجزاء في مقابلة الأجرة كما في الإجارة ويفارق العبد إذا غصبه [24/ب] ومضت مدة هُزل فيها بدنه تلزمه الأجرة مع أرش الهُزال بلا خلاف لأن استخدام العبد لا يوجب هُزاله واستعمال الثوب يوجبه بلاه قال هذا القائل: والشافعي نص في الثوب على ما نقص دون الأجرة لأنه في الغالب يكون أكثر من الأجرة ونص في الدار على الأجرة لأنها أكثر من النقص في الغالب، ومنهم من قال: وهو الأصح والمذهب تجب عليه الأجرة مع أرش النقص كما لو كان النقص لا بالاستعمال ولأن الأرش عوض ما أتلفه من أجزاء الثوب والأجرة عوض ما أتلفه من المنافع فاختلف موجبهما فيجتمعان.

وقال القاضي الطبري: نص الشافعي في السير ما يدل على هذا فقال: لو أخذ بعض الغانمين من الغنم غنماً أو بعيراً وذبحه واتخذ من جلوده دلاء ونعالاً ودرقاً ردها في المغنم ورد أجرة المثل وأرش ما نقص قيمتها ويحتمل أنه أراد ما نقص بالذبح وتقطيع الجلود دون الاستعمال، فإذا قلنا: يلزمه أكثر الآمرين نظر، فإن كانت الأجرة أكثر ولو حبةً لزمت ودخل فيها أرش النقص، وإن كان أرش النقص أكثر ولو حبةً لزم ودخلت الأجرة فيه، وإذا قلنا: يجب كلاهما فعليه أجرة المثل إلى حين الرد.

وأما النقص فعليه أكثر ما نقص من حين الغصب إلى حين البلى لأنه أجزاء تلفت في يد الغاصب فعليه أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف ولا يراعى زيادة التلف القيمة بعد تلف الأجزاء كما لا يُراعى زيادة قيمة الثوب بعد تلفه، فعلى هذا لو غصب ثوباً قيمته عشرون فتراجع بإتلاف الاستعمال إلى عشرة ثم تراجع من جهة السوق إلى خمسة ثم وده يلزمه عشرة وهذا لأنه لا يغرم نقصان السوق مع رد العين، وذكر المزني هذه المسألة في "الجامع الكبير".

وذكر عن الشافعي أنه قال: عليه أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين الرد ثم قال: هذا غلط بل عليه أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين البلى قال ابن سريج: الأمر على ما قلت وهو مذهب الشافعي وعليه نص غير أنك نقلت إلى [25/أ] جامعك الكبير كلاماً لا نعرفه للشافعي واعترضت عليه وقد قال الشافعي ها هنا وبين قيمته وقد أبلاه ومعناه حين أبلاه دون ما بعده فليس ها هنا خلاف.

وقد ذكر ابن الحداد نحو ما حكي المزني عن الشافعي مع الاعتراض عليه فقال: لو كانت قيمته عشرة فتراجعت بالبلى إلى خمسة ثم ارتفع السوق فصار قيمة هذا البالي عشرة يضمن عشرة، وهو غلط، بل يضمن خمسة لأن القدر الذي بلى ما زادت قيمته من يوم الغصب إلى يوم التلف على خمسةٍ فما حاث من الزيادة بالسوق في الباقي لا يقال: إن القدر الباقي لو كان باقياً يحدث فيه مثله فيجب الغرم فيه على التوهم، ولكن لو تراجعت أولاً بالسوق إلى عشرةٍ من عشرين وبالبلى إلى خمسةٍ ثم رده يضمن عشرة لأنه أتلف بالبلى نصف الثوب وهذا النصف أكثر ما كانت قيمته من يوم القبض إلى يوم التلف عشرة وفرع ابن سريج على ما ذكرنا فرعين فقال: فإن اختلفا فقال الغاصب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015