1] قرئ بالظاء المعجمة، وقرئ بالطاء، وقصد به مالكًا -رحمه الله- فبالطاء غير المعجمة: هو اشتقاق من الطهارة، وهو طلب الطهر. وبالظاء المعجمة: اشتقاق من الاستظهار وهو الاستعانة بها لاستيقان الطهر والاحتياط. والدليل على بطلان قوله: إنما لم يجعل بعض الدم طهرًا مع أن الاحتياط فيه أبلغ، فلأن لا تجعل بعض الدم الأضعف حيضًا أولى. واحتج بأن الدم الأسود لا ينقطع ثمره بل يرق ويشرق ويصفر، ثم ينقطع. فلينظر ثلاثة أيام كذلك، قلنا: هذا لا يوجد في المعتادة وأنت تأمرها بالاستظهار ثلاثة أيام.
فإذا تقرر هذا، فنذكر الآن حكم الصفرة والكدرة، ثم نشتغل بالتفريع.
قال الشافعي هاهنا: والصُّفْرَةُ وَالكُدْرَةُ في أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ
واختلاف أصحابنا في معنى ذلك، فقال عامة أصحابنا: المراد به أيام الإمكان وإن لم تكن عادة كالدم السود. وبه قال سعيد بن المسيب، وربيعة ومالك، والثوري، والأوزاعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، ومحمد، وقال الإصطخري: المراد به أيام العادة دون أيام الإمكان، فإن ذات الصفرة في غير أيام العادة ويكون دم الاستحاضة، وإن أمكن فيه الحيض. وبه قالت عائشة، وعطاء رضي [275 ب/1] الله عنهما.
قال أبو إسحاق المروزي: إلى هذا كنت أذهب، حتى رأيت الشافعي يقول في أول كتاب"العدة": الصفرة والكدرة حيض، والمبتدأة فيهما سواء. فدل أنه لا فرق بين العادة وغيرها، وحكى ابن أبي هريرة زجهًا ثالثًا عن بعض أصحابنا، وبه قال أبو ثور، وابن المنذر، أنه إن تقدم دم أسود ولو بعض يوم، فالصفوة التي بعده هي حيض مع الأسود. وإن لم يتقدم دم أسود لا يكون حيضًا، قال القفال: وإلى هذا الوجه الثالث أشاء الشافعي في"كتاب العدة"، قال لو اعتدت امرأة قرءين ثم رأت في القرء الثالث دفعة سواء، ثم رأت صفرة أو كدرة حتى جمد يومًا وليلة ثم انقطع قدرًا انقضت عدتها. يعني بالطعن في هذه الدفعة التي كملت بالصفوة يومًا وليلة. فحصل من هذا أن لصفوة والكدرة حيض في أيام العادة بالاتفاق. وقيل: إن مراد الشافعي به أن لا ترى المرأة في أيام عادتها دمًا سائلًا، ولكنها إذا استدخلت قطنة أو خرقة، ثم استخرجت فرأت عليها صفرة أو كدرة، فإنه يحكم لها، بحكم الحيض كالدم السائل، وفي أيام الإمكان ثلاثة أوجه. قال داود: لا يكون حيضًا أصلًا، والمذهب الأول؛ لأن كل دم كان حيضًا [276 أ/1] في وقت العادة كان حيضًا في