وكله ببيع ثوب بدينار فباعه بدينارين. والثاني: ينتقل ملك إحداهما إلى الموكل وملك الأخرى إلى الوكيل، والموكل في شاة الوكيل بالخيار بين أن يقرها على ملك وكيله ويسترجع منه نصف دينار، وبين أن ينتزعها منه، قال ابن سريج: ويجوز انتزاع ملك الغير بغير اختيار لتعلقه بملكه ومشاركته له كما في الشفعة. وقال القاضي الطبري: ولا وجه لهذا القول إلا أن يكون على قول يحكى عن الشافعي في البيع الموقوف.
وقال صاحب "الإفصاح": يحتمل على هذا القول أن يقال: تلزمه إحدى الشاتين تلزم الموكل ولا خيار له في شاة الوكيل؛ لأن أمره تناول إحدى الشاتين والأخرى لم يتناولها أمره فيقع ملكها للوكيل وهذا قول أبي حنيفة والأول أصح لحديث عروة البارقي على ما ذكرنا ولأنه حصل له المأذون فيه وزيادة من جنسه تنفعه فوقع له كما لو قال له: بع بمائة فباع بمائة وخمسين. وهذا إذا كان الشراء في الذمة، فإن كان شراءهما بعين الدار فإن قلنا في المسألة الأولى: كلتاهما للموكل فكذلك ههنا. وإن قلنا هناك: إحداهما للموكل والأخرى للوكيل فههنا إحداهما للموكل ويبطل العقد في الأخرى لأنه لا يجوز أن يملك الوكيل بثمن هو ملك غيره. وقيل: لا فرق بين أن يكون الشراء بعينه أو في الذمة، لأن الشافعي نص في كتاب "الإجارة" على هذه المسألة وقال: إذا أعطاه دينارًا وقال: اشتر به شاة فاشترى به شاتين. وهكذا إذا وكله بأن يشتري عشرة أقفزة حنطة بمائة درهم فاشترى أحد عشر قفيزًا من النوع الذي أمره به يكون على القولين. وان لم يساو كل واحدة منهما دينارًا لا يلزم الموكل لأنه لا يطلب بدينار مالا يساوي دينارًا فعلى هذا إن كان الشراء في الذمة وقع للوكيل، وإن كان بغير الدينار بطل الشراء. وإن كانت إحداهما تساوي دينارًا والأخرى تساوي أقل من دينار فيه وجهان: أحدهما: للموكل ما يساوي دينارًا والأخرى للوكيل. والثاني: وهو الأقيس كلتاهما للموكل لأن الذي تناوله إذنه قد وجده وهذه الزيادة [81 / ب] تنفعه من كل وجٍه.
فرع آخر
إذا قلنا: كلتاهما للموكل فباع الوكيل إحداهما بدينار في الصورة الأولى وحمل الموكل الشاة والدينار خرج أبو العباس فيه قولين: أحدهما: لا يصح البيع لأنه باع مال الموكل بغير إذنه وهو الأصح. والثاني: يصح لخبر عروة البارقي ولأنه بلغه غرضه أو حصل له الشاة واستفضل له دينارًا فهو كما لو اشترى له ابتداء شاة بنصف دينار واستفضل له نصف دينار وهذا ضعيف، وتأويل الخبر أنه كان وكيلًا مطلقًا بالبيع والشراء.
وقال أبو حامد: أصل القولين في هذه المسألة مسألة البضاعة، وهي إذا غصب مالًا وانجر فيه، فيه قولان؛ أحدهما: التصرف باطل. والثاني: قاله في القديم رب المال بالخيار بين أن يجيز البيع فيكون كل الربح له وبين أن يبطله ويكون له ضمان ماله. وأما في الصورة الأخرى إذا كانت إحداهما تساوي دينارًا والأخرى أقل منه، وقلنا: