وقال ابن أبي هريرة وجمهور [82/ أ] البغداديين: يجوز لهما أن يعقداه كذلك بالشرط لأنه هكذا يكون في الحكم فجاز أن يكون ملفوظًا به في العقد، فإن بيعه إياها إنما يصح إذا كان أمره أن يشتريها بعشرين وهذا كما يقول: هذه السلعة ملكي اشتريتها فإن كانت ملكي ولم يرد استحقاق فقد بعتكها بكذا فهذا يصح لأن هذا الشرط من موجب البيع ومما يقتضيه فلم يضره كذلك ها هنا. وهو أيضًا كقول الرجل لامرأته: إن كنت امرأتي فأنت طالق حيث يتيقن أنها امرأته فلا يشبه ذلك قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، وإن كانا متقاربين. وقال هذا القائل لو قال: بعتك دون هذا الشرط كان إقرارًا منه بملكه وصار مكذبًا نفسه فيما ادعاه. وإن لم يجب الحاكم إلي هذا وامتنع من هذا القول وقال: الذي يلزمني اليمين وقد حلفت ولا أريد أن أبيع شيئًا لا أملكه لم يجبر عليه. وقال أبو إسحاق: الوكيل لا يملكها في الباطن ولا يحل له استخدامها ولا الاستمتاع بها ويكون حكمه معها حكم الأجنبيين. وهل يجوز له بيعها؟ قولان بناة على من له على أخر حق يجحده فوقع في يده من ماله شيء فهل يجوز له بيعه؟ قولان: أحدهما: لا يجوز. والثاني: يجوز بمقدار حقه وهو الصحيح وهل يبيعه من نفسه أو يرفعه إلى الحاكم؟ وجهان: أحدهما: يبيعه بنفسه وهو الصحيح وقيل: هذا منصوص عن الشافعي وهو اختيار أبي إسحاق، والثاني: يرفعه إلى الحاكم حتى يبيعه الحاكم وعلى هذا قال ابن أبي هريرة: يواطئ رجلًا يدعيه رهنًا عليه فيقربه ليبيعه الحاكم عليه وهذا لا يصح لأن فيه مشقة وأمرًا بالكذب فلا يجوز.
ومن أصحابنا من قال: يملكها الوكيل ظاهرًا وباطنًا وهو اختيار الإصطخري، وبه قال أبو حنيفة كالمتبايعين إذا اختلفا وتحالفا كانت الجارية للبائع على أحد الأقاويل ظاهرًا وباطنًا. قال أبو إسحاق: وهذا غلط لأنهما إذا تحالفا انفسخ البيع ورجعت الجارية إلى ملك البائع وليس كذلك ها هنا [82/ ب] فإن البيع لا ينفسخ بيمين الموكل والوكيل مقر بأنها ملك للموكل فلم يجز له تملكها والاستمتاع بها.
قال أصحابنا: وأصل هذه المسألة ما ذكره الشافعي في اليمين مع الشاهد قال: ولو ادعى على رجل أنه باع منه عبدًا بعشرين وأنكر المشتري ذلك فالقول قوله، فإذا حلف أحببت أن يقول المشتري للبائع: وإن كنت اشتريت منك فسخت الشراء بيننا فيكون إقالة يعود العبد بها إلى ملك البائع، ولو امتنع من ذلك ففيها أقاويل: أحدهما: العبد للبائع في الظاهر دون الباطن وللبائع بيعه في حقه. والثاني: يملكه البائع بامتناع المشتري وكأنه عاد في عين ماله لتعذر ثمنه من جهة المشتري كما نقول في عين ماله عند الفلس. والثالث: البائع لا يبيع ذلك ويرفعه إلى الحاكم حتى يبيعه. كذلك ها هنا قد تعذر على الوكيل الرجوع بحقه على الموكل فيكون على الأقوال. ومن قال بالأول فرق بينه وبين مسألة الدار بأن الشافعي جعل هناك المشتري كالمفلس والخصومة بين الموكل والوكيل وها هنا فلا يمكن أن يجعل كالمفلس، وهذا اختيار المزني رحمه الله. ومن أصحابنا من قال: قال الشافعي في اليمين مع الشاهد: فإن كان هذا في دار فامتنع