للمتقدمة منهما تأثير ويبطل بقبول الثانية.
فرع آخر
إذا وكل المتداعيان رجلًا واحدًا لينوب عنهما فإن كان في أمرين مختلفين جاز. وإن كان في أمر واحد فيه وجهان: أحدهما: يجوز لأنه يمكنه الدعوى عن أحدهما والجواب عن الأخر وإقامة حجة كل واحد منهما. والثاني: لا يجوز لأن غرض كل واحد منهما بتوكيله استيفاء حججه والاستقصاء في خصومة صاحبه وفي الواحد يتناقض ويتضاد الغرضان فلا يجوز.
مسألة: قال (?): ومن باع بما لا يتغابن الناس بمثله فبيعهُ مردوٌد.
الفصل
وهذا كما قال إذا وكل وكيلًا في بيع شيء لا يخلو إما أن يكون التوكيل مطلقًا أو مقيدًا، فإن كان مقيدًا فقال: بع بثمن مثله نقدًا بنقد البلد لم يجز له أن يعدل عن ذلك بلا خلاف. ولو قال: بعه بأقل وأكثر نقدًا نساء بنقد البلد وغيره له كل ذلك أيضًا بلا خلاف. ولو كان مطلقًا اختلف [78/ ب] الناس فيه على ثلاثة مذاهب، فذهب الشافعي إلى أنه يقتضي ثلاثة أشياء وهي أن يبيع بثمن مثله نقدًا بنقد البلد، فإن خالف فباع بأقل من ثمن مثله ونقص قدرًا لا يتغابن بمثله، أو باع نَساء أو بغير نقد البلد لا يجوز البيع وبه قال مالك وأبو ثور. وقال أبو حنيفة: له أن يبيع بأقل من ثمن المثل ونسيئة وبغير نقد البلد. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يبيع نَساء ولا يجوز له أن يبيع بدون ثمن المثل ولا بغير نقد البلد وأجمعوا في الشراء أنه إذا وكله به لا يجوز أن يشتري بأكثر من ثمن المثل ولا إلى أجل ولا بغير نقد البلد فنقيس عليه وهذا لأن مطلق الإذن يحتمل على العرف والعادة المستقرة. وذكر القاضي أبو حامد في "الجامع" عن الشافعي أنه قال في كتاب "الرهن القديم والرهن الصغير": إذا باع بدون ثمن المثل فالبيع مردود إن شاء الأمر فجعل البيع صحيحًا وهذا غير مشهور، ولا خلاف في الوصي إذا باع بدون ثمن المثل، فإن كان المبيع باطلًا فالوكيل مثله.
فرع
إذا خالف وباع بدون ثمن المثل فإن كان المبيع قائمًا في يد المشتري رد على الموكل. وإن كان تالفًا فالموكل بالخيار إن شاء رجع على المشتري، وإن شاء رجع على الوكيل، فإن رجع على المشتري رجع بجميع قيمته عليه لأنه تلف في يده فلزمه جميع قيمته. وإن رجع على الوكيل فيه قولان:
أحدهما: هذا لأنه لما سلم المتاع إلى المشتري بأقل من قيمته صار متعديًا في جميعه فضمن جميع قيمته. والثاني: يرجع بمقدار المحاباة وهو ما بين ما باعه إلى ما