وروي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فسلمت عليه وقلت: أريد الخروج إلى خيبر فقال: "إذا أتيت وكيلي بخيبر فخذ منه خمسة عشر وسقًا فإن ابتغى منك آيًة فضع يدك على ترقوته" (?).

وأما الإجماع فلا خلاف بين المسلمين فيه. وروي أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكل عبد الله بن جعفر وقال: "إن للخصومات قحمًا تتقحمها الشياطين" (?). والحجم المهالك. وَوَكَّلَ عقيلًا عند عمر وعثمان رضي الله عنهم ثم بعد ذلك كان يوكل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما حين ضعف عقيل عن مباشرة الخصومة (?). ولأن الحاجة تدعو إلى الوكالة في البيع لأنه قد يكون له مال ولا يحسن التجارة فيه وقد يحسن ولا يتفرغ إليه لكثرة أشغاله فجاز أن يؤكل فيه غيره.

مسألة (?): قال المزني رحمه الله: وللناس أن يوكلوا في أموالهم وطلب حقوقهم وخصوماتهم.

الفصل

وهذا كما قال: الوكالة تفتقر [6 / أ] إلى وكيل وموكِّل وموكَّل فيه فبدأ المزني بالموكل فيه والحقوق على ضربين ضرب: هو حق للآدميين وضرب: هو حق لله تعالى. فأما حق الآدميين فعلى ضربين: ضرب يتعلق بالمال كالبياعات والإيجارات والهبات والصدقات المحرمات والإقالات والفسوخ كالرد بالعيب ونسخ البيع في مدة الخيار وغير ذلك والوصايا وقضاء الديون فالتوكيل يصح في جميع ذلك. وضرب يتعلق بالبدن وهو على ثلاثة أضرب أحدها: يصح التوكيل فيه كالنكاح والطلاق والرجعة والعتاق ومن ذلك التوكيل في الخصومات فإن حضور مجلس الحكم يلزمه فإذا وكل فيه ناب عنه وكيله.

والثاني: لا تصح فيه الوكالة قولًا واحدًا كالأيمان والإيلاء واللعان والظهار لأن اليمين لا تنعقد إلا بلفظه والإيلاء واللعان يمين والظهار في معنى اليمين لأنه يقتضي وجوب الكفارة.

والثالث: هل يصح التوكيل؟ فيه قولان وهو استيفاء القصاص والحدود. وهل يصح التوكيل في اختيار ما زاد على الأربع إذا أسلم عنهن وأسلمن؟ قولان: أحدهما: لا يصح لأن ذلك يتعلق بالشهوة ولهذا لا يقوم الحاكم فيه إذا امتنع من الاختيار. والثاني: يصح لأنه استباحة فرج محظور فصح فيه التوكيل كالنكاح والرجعة والأول أصح. وأما حق الله تعالى فعلى ضربين فرب يتعلق بالمال كالزكاة والكفارات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015