والثاني: كل واحد منهم يضارب بجميع دينه لا بالبقية يقولون للآخرين نحن لم نأخذ شيئًا بزعمكم تملكه بل أخذنا غصبًا على قولكم فجميع ديوننا باقية على المفلس فنخاصمكم بها.
قال الشيخ أبو محمد الجويني: وهذا هو الصحيح إن شاء الله.
مسألة:
قَالَ: «وَلَوْ كَانَتْ أَرْضًا فَغَرَسَهَا».
الفصل:
إذا باع أرضًا بيضاء فغرسها المشتري أو بنى فيها بناء، ثم أفلس المشتري واختار البائع عين ماله لا يخلو الغرماء والمفلس من ثلاثة أحوال: إما أن يختاروا قطع الغراس والبناء، أو يختاروا تركه ويبذل لهم البائع قيمته، أو يختاروا الترك ولا يبذل لهم البائع شيئًا، فإن اختاروا القلع كان لهم ذلك، ثم يرجع البائع في عين ماله وعليه تسوية الأرض بعد القلع لأنها حفرت لمصلحة ملكهم، كما لو دخل فصيل دار رجل فكبر ولا يخرج من الباب إلا بنقصه، فإن لم تنقص قيمة [ق 304 أ] الأرض فلا كلام، وإن نقصت قيمتها بهذا القلع فعلى المشتري أرش ذلك النقص، والذي يجيء على هذا المذهب أن يرجع البائع به في أصل المال، لأنه يضرب به مع الغرماء لأنه نقص حصل بعد الحجر عليه لمصلحة ملكه فصار كنفقة العبد وأجرة الحمال، فإن قيل: أليس لو وجد المبيع ناقصًا في يد المشتري لا يطالب المشتري بنقصه؟ قلنا: لأن النقص هناك حدث في ملك المشتري فلم يضمنه إلا فيما يتقسط عليه الثمن، وههنا حدث النقص بعد رجوع البائع في العين في ملكه ليخلص ملك المشتري فيضمن النقص، وإن اختاروا الترك لا يجبرون على قلعه لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس لعرق ظالم حق» وهذا ليس بظالم، ثم يقال للبائع: إن اخترت أن تبذل له قيمة الغراس والبناء ويضمن للمفلس والغرماء أرش النقص فلك ذلك، لأنه لا ضرر عليهم في ذلك كما لو استعار من رجل أرضًا بيضاء فغرس فيها، ثم أراد مالكها الرجوع في العارية كان له ذلك، وإن لم يبذل لهم قيمة الغراس والبناء ولا أرش النقص فهل للبائع أن يرجع في الأرض وحدها ليكون له البناء والغراس للمفلس، نقل المزني له ذلك، ثم قال. وقال في موضع آخر ليس له ذلك، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة طرق:
أحدها: المسألة على [ق 304 ب] اختلاف حالين، فالذي قال له ذلك إذا كانت الأرض هي المقصودة والغراس قليل وقيمة الأرض أكثر منه لأنه يكون كالتبع حينئذٍ، والموضع الذي قال ليس له ذلك إذا كان المقصود البناء والغراس بأن يكون كثيرًا قيمته