أحدهما: له أن يعدل لأنا كنا نرضي منه في الابتداء بهذا القدر من الإنكار، والثاني: ليس له ذلك بعدما أجاب على وفق الدعوى وعليه أن يحلف على ذاك ونظير هذه المسألة إذا ادعى عليه أنه غصبه هذه الدار فقال: لا يستحق علي [164/ ب] شيئاً يكون جواباً صحيحاً ويحلف على ما أجاب، ولو قال ما غصبتها فهل يحلفه الحاكم على هذا أو على أنه لا يستحق عليه شيئاً؟ فيه وجهان على ما ذكرنا، وإن حلفه على ذلك أجزأه، وإن أراد أن يعدل هو فيحلف على نفي الاستحقاق وجهان. وهكذا لو قال: بعت عبدك هذا مني بألف وقبضت الثمن وعليك تسليمه إلي، فإن قال: ما بعته ولا قبضت الثمن. فهذا إنكار على وفق الدعوى فيحلف هكذا ولا يحتاج أن يقول: لا يلزمني تسليمه إليك إذ المدي يدعي وجوب التسليم من هذا الوجه وقد نفي هذا الوجه فإن كان التسليم واجباً من وجه آخر فليدع ذلك وإن أعرض عن دعواه، وقال: لا يلزمني تسليمه إليك فهذا إنكار لا على وفق الدعوى ولكن يرضي منه بهذا القدر لأنه قد يتبع ثم يتقابلان أو يشتريه ثانياً فيحلف على وفق إنكاره، وكان إنكاره القسم الأول وهو أن قال: ما بعت ثم أرد أن لا يحلف لنفي البيع بل يحلف لنفي وجوب التسليم فيه وجهان.
وفي الجملة لا يلقن المدعي الدعوى فإذا تقرر هذا كيف يحلف البائع على العلم أو على [165/ أ] البت؟ فهاهنا أصل وهو أن الرجل إذا حلف على فعل نفسه حلف على البت والقطع نفياً كان أو إثباتاً وإن حلف على فعل غيره فإن كان على الإثبات حلف على البت مثل إن ادعى ديناً لوالده على رجل أو أقام شاهجاً واحداً فحلف معه على البت، وإن كان على النفي حلف على العلم، مثل إذ ادعى أنه غصبني هذا العبد في حياته فيحلف وارثه على العلم لا أعلم ذلك وهاهنا البائع يحلف على فعل نفسه فيلزمه البت فيحلف بأني بعتك وما به هذا العيب، وقال ابن أبي ليلى: يحلف على نفي العلم لأنه ربما يكون به هذا العيب وهو لا يدري وهذا غلط، لأن فيه ظلماً على المشتري لأن له حق الرد وفي كل عيب قديم علم به البائع أو لم يعلم، وقد يمكنه قطع اليمين على ظاهر ما كان يعلم من سلامته ويسوغ له قطعها فيما بينه وبين الله تعالى.
فرع
لو أنكر البائع أصل العيب، وقال: هو سليم فعلى المشتري إقامة البينة على العيب فإن قامت البينة على هذا وادعى أنه كان قديماً عند البائع وأقام البينة على هذا أيضاً، ثم ادعى البائع أني بعته على البراءة من عيبه ورضاه به [165/ ب] وآخر الرد وأنكر المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه، ذكره القاضي أبو حامد في "الجامع" فيحلف على البت أنه لم يعلم ولم يرض به أو لم يؤخر الرد مع الإمكان لأنه ادعى عذراً محتملاً.
فرع آخر
لو حلف البائع في المسألة المتقدمة أن العيب لم يحصل في يده ثم اختلفا في الثمن وتحالفا وترادا فقال البائع: حلفتموني أن العيب حدث في يد المشتري فأثبتوا لي أرش هذا العيب عليه يقول له: لا بل كان يدعي المشتري تمليك يمكنك الفسخ فجعلنا القول قولك وأنت اليوم تدعي عليه أرش هذا العيب فيحصل القول قوله إن لم يحدث في يده اعتباراً بأن الأصل راء الذمة في الموضعين، ويجوز أن يصير المدعي مدعى عليه في