الحادث من جناية المشتري، لا يرد كذلك ها هنا ولأنه عيب حدث في ضمان أحد المتايعين لا لاستعلام العيب. فأثبت الخيار للآخر، كما لو حدث عند البائع يثبت الخيار للمشتري. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لو قال البائع: ردها ورد معها أرش العيب الحادث لا رد الثمن هل له ذلك؟ حتى إن امتنع المشتري من هذا بطل خياره في الرد وجهان: أحدهما: خياره باق ولا يلزمه أن يرد الأرش [162/ أ] مع المبيع، والثاني: يبطل خياره. وبنى الوجهين على أنه إذا اشترى جوزاً فكسره ثم عرف العيب. وقلنا يرده ولا يمنعه الكبير من الرد هل عليه أن يرد معه أرش الكبير؟ فإن قلنا يلزمه ذلك فهاهنا للبائع أن يطلب الأرش. وإن قلنا: ليس له ذلك فلا يطالبه بالأرش هاهنا، وهذا خلاف النص.

فرع آخر

لو أخذ المشتري الأرش ثم ارتفع العيب الحادث، هل لع أن يرد المبيع مع الأرش الذي أخذ ويسترد كل الثمن؟ وجهان: أحدهما: ليس له ذلك لأنهما تراضياً على الأرش فسقط حق الرد. والثاني: لا يسقط حق الرد بل يرد لأنه أخذ الأرش ضرورة، إذا لم يكن له إلى الرد سبيل. ويقرب الوجهان من الوجهين، إذا أنعل دابة ثم وجد بها عيباً فردها مع النعل فذلك منه تمليك للبائع النعل وهو لنوع مصلحة، فإن قلنا: تمليك فأخذ الأرش هاهنا رضي بالحكم القطعي، وإن قلنا ليس بتمليك حتى إذا سقط النعل كان له. فإذا ارتفع العيب هاهنا يصير أحق بالرد هكذا ذكره أصحابنا بخراسان.

وقال أصحابنا بالعراق: نص الشافعي في "البويطي" أنه [162/ ب] إذا ارتفع العيب الحادث عنده له الرد. قال أصحابنا معناه: إذا ارتفع قبل أن يحكم له الأرش فإن حكم له بالأرش وقبضه لم يكن له الرد، لأن الحكم قد استقر فلا ينتقض. وإن لم يكن أخذ الأرش فيه وجهان: أحدهما: لا يرد لأنه حكم له بالأرش. والثاني: يرد لأنه لم يستقر الحكم. وقيل: إن كان يرضي زواله فالمذهب أنه يلزمه رد الأرش، وإن كان لا يرجي زواله فاتفق زواله هل له استرداد الأرش؟ وجهان، كما لو ثبت السن بعد أخذ الأرش؟ هل يلزمه الأرش؟ قولان وهذا أولى مما تقدم.

فرع آخر

لو اشترى ثوباً فقطعه ثم وجد به عيباً لا يرد لحدوث العيب وله الأرش، إلا أن يقول البائع: رضيت به مقطوعاً بلا خلاف. ولو صبغه ثم وجد به عيباً له الإمساك وأخذ الأرش. فإن قال البائع: رضيت أن آخذه وأرد قيمة الصبغ كان له ذلك، ويقال للمشتري: إما أن ترضي به من غير أرش أو ترده وتأخذ قيمة الصبغ. وليس له إمساكه أو أخذ الأرش، وقال أبو حنيفة: ليس للبائع أن يقول ذلك وللمشتري مطالبته بالأرش وإمساكه. [163/ أ] وهذا غلط لأنه يمكنه استدراك الظلامة بالرد بالعيب فلا يستحق الأرش كما لو لم يكن صبغه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015