سمينة، فإن أكلت أكلت طيباً، وإن أطعمت طيباً"، فدل ما ذكرنا على أن أفضل الضحايا والهدايا أسمنها وأحسنها؛ فإن كانت غنماً، فأغلاها ثمناً وأكثرها سمناً وحسناً إلا أن تكون ذات لبن يزيد ثمنها لكثرة لبنها، فيكون ما نقص ثمنه إذا كان أزيد سمناً ولحماً أفضل، وأما الإبل والبقر فقد يزيد ثمنها بالعمل تارة وبالسمن أخرى، فتكون سمانها أفضل من عواملها، وإن نقصت عن أثمانها؛ لأن المقصود منها لحومها فإن كان بعضها أكثر لحماً وأقل شحماً.
وبعضها أكثر شحماً وأقل لحماً، فذات اللحم أفضل، إن لم يكن لحمها خشناً، لأن اللحم مقصود والشحم تبع وإن كان لحمها خشناً فذات الشحم أفضل؛ لأن قليل لحمها أنفع من كثير الأخرى.
مسألة:
قَالُ الشَّافِعِيِ:" وَلَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا الْعَوْرَاءِ الْبَيِّنِ عورَهَا وَلَا الْعَرْجَاءَ الْبَيِّنِ عرجَهَا وَلَا الْمَرِيضَةَ الْبَيِّنَ مَرَضَهَا وَلَا الْعَجْفَاءَ الَّتِي لَا تَنَقَّى ".
قال في الحاوي: وأصل هذا ما رواه عن مالك عن عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ماذا ينتفي من الضحايا، فأشار بيده، وقال أربع وكان البراء يشير بيده ويقول: يدي أقصر من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العرجاء البين ضلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى، فهذه أربع تضمنها الخير منعت من جواز الأضحية. منها: العرجاء البين ضلعها، والعرج فيها مانع من جواز الأضحية سواء كان في يد، أو رجل للخبر، ولأنها تقصر بالعرج عن لحوق غيرها في المرعى فتقل لحماً؛ ولأنه عيب يوكس ثمنها، وإذا لم تجزيء العرجاء فالقطعاء أولى فإن كان عرجها يسيراً نظر فيه فإن قصرت به عن لحوق الصحاح في المشي والسعي كان عرجا بينا لا يجزئ، وإن لم تقصر به عن الصحاح أجزأت.
فصل:
ومنها: العوراء البين عورها لا يجوز الأضحية بها للنص، ولأنه قد أذهب عضواً مستطاباً من رأسها؛ ولأنها تقصر بالعور في الرعي فيقل لحمها ولأنه موكس لثمنها وسواء لحقها العور فأذهب العين أو كانت باقية ولا تبصر بها فإنها البين عورها.
قال الشافعي: وأقل العور البياض الذي يغطي الناظر فإن غطى ناظرها ببياض أذهب بعضه وبقي بعضه نظر؛ فإن كان الذاهب من ناظرها أكثر لم تجزئ وإن كان