جرحه الأول، وقيمته عشرة دراهم وجرحه الثاني وقيمته ثمانية، وجرحه الثالث وقيمته ستة، كان على الأول ثلث العشرة ثلاثة دراهم وثلث، وعلى الثاني ثلث الثمانية درهماً وثلثان وعلى الثلث ثلث الستة درهماً، يصير مجموع ما عليهما ثمانية دراهم ويسقط ضمان درهمين على هذه العبرة، وهذا الوجه مخالف للوجوه الأربعة في الحكم والمقدار والعمل.

فصل:

وإذا تقررت أحكام هذه الوجوه الخمسة، فكذلك حكمها في جميع البهائم المملوكة.

وأما حكمها في الآدميين، فإن كان المجروح حراً سقط اعتبار أرش الجراح فيه لكمال ديته قبل الجراح وبعدها على سواء، وان كان المجروح عبداً فإن لم يكن في جراحه أرش مقدر فهو كالصيد وسائر البهائم على ما شرحناه وإن كان في جراحه أرش مقدر كالأطراف، فقد خرج فيه أبو علي بن أبي هريرة وجهين:

أحدهما: أنه يصير بتقدير أطرافه كالحرّ.

والثاني: أنه يصير مع التقدير كالبهيمة وكلا الوجهين معلول على الإطلاق، لأن العبد تنقص قيمته بعد جراحة الأول، بخلاف الحرّ فيبطل بينه وبين الحرّ والعبد تتقدر أطرافه بخلاف البهيمة فبطل الجمع بينه وبين البهيمة فإذا بطل الوجهان صار حكمه في المقدر مشتركاً بين أحكام الحرّ في التقدير وبين أحكام البهيمة في اعتبار القيمة ثم يخالفها من وجه ثالث: أنك تعتبر في طرق العبد أكثر الأمرين من المقدر فيه أو ما نقص من القيمة ما لم يستوعب المقدر جميع القيمة، فإن استوعبها أوجبت أقلها، وهو نقصان القيمة؛ لأن الشركة مع السراية تمنع من وجوب جميعها على أحدهما فيعمل على ما يوجبه هذا التعليل من الوجوه الخمسة، وإذا كان كذلك، فإن كان الجانيان على الصيد والبهيمة أجنبيين، ولم يكن أحدهما مالكاً فعلى كل واحد منهما من القيمة ما أوجبته الشركة على الوجوه الخمسة، وإن كان أحدهما مالكاً سقط عنه قسطه، ووجب على الأجنبي قسطه، ويتصور في غير الصيد أن يكون المالك أولاً وثانياً، ولا يتصور في العبه الممتنع أن يكون المالك في المضمون إلا الأول دون الثاني والله أعلم.

مسألة:

قالُ الشّافِعيِ رحمهُ اللهُ تعالى:" ولوْ كان مُمتنِعا بعد رميِهُ الأول يطيرُ إنّ كان طائِرا أوْ يعدو إنّ كان دابّةُ ثمّ رمّاهُ الثّاني فأثبتهُ كان لِلثاني".

قال في الحاوي: اعلم أن الصيد ضربان، ممتنع وغير ممتنع، فأما الممتنع، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015