مسألة: قال (?): ويَجُوزُ بغيرِ صَوْم.

وهذا كما قال: يجوز الاعتكاف من غير صوم إلا أن الأفضل أن يصوم معه، وكذلك يصح في الزمان الذي لا يصح كزمان الليل ويومي الفطر والأضحى وأيام التشريق، وروي هذا عن علي وأبي مسعود البدري رضي الله عنهما، وبه قال الحسن وإسحاق وأحمد في الرواية المشهورة.

وقال أبو حنيفة: لا يجوز غلا بصوم ولا يجوز إفراد الليل بالاعتكاف ولا يجوز في الأيام الخمسة، وبه قالت عائشة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، ومالك والثوري والأوزاعي، وذكر القفال أن الشافعي علق الصوم في القديم فقال: ويحتمل أن لا يجوز الاعتكاف إلا بصوم، واحتجوا بما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا اعتكاف إلا بصيام (?) " وهذا غلط، لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعل على نفسه (?) "وروى ابن عمر رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية فقال له رسول الله صلى الله عليه: "أوف بنذرك (?) "وخبرهم محمول على نفي الكمال والفضيلة.

واحتج المزني للشافعي بثلاثة أشياء أحدها: أنه قال: لو كان الاعتكاف يوجب الصيام وغنما هو تطوع أي: وإنما الاعتكاف تطوع ولكنه يوجب الصوم عنده لم يجز صوم [360 ب/ 4] رمضان عن تطوع أي: عن تطوع يوجبه الصوم كما لو تطوع بنذر صيام أيام لم يجز عنها صيام شهر رمضان، وفي اعتكافه صلى الله عليه وسلم في رمضان دليل على أنه لم يصم للاعتكاف فيفهموا، والثاني: لو كان الاعتكاف لا يجوز إلا مقارنًا بالصوم يخرج الصائم بالليل من الاعتكاف بخروجه فيه من الصوم فلما كان على خلاف هذا دل أنه يجوز منفردًا بغير صوم، والثالث: قال: وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه أن يعتكف ليلة وقد ذكرناه، وهذه الاحتجاجات كلها صحيحة.

مسألة: قال (?): ومَنْ أرَادَ أنْ يعتَكِفَ العَشَرَ الأواخِرَ دَخَلَ قَبْلَ الغُروبِ.

الفصل

وهذا كما قال: إذا نذر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان أو أراد أن يعتكف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015