قال: أخبَرَنا شفيانُ ... وذكر الخبر.
وهذا كما قال: [342 ب/ 4] جملته أن صوم يوم عرفة هو مستحب لغير الحاج الواقف بعرفة، فأما الحاج فيستحب له أن يفطر يوم عرفة بكل حال، قال الشافعي: لأن الحاج مسافر مُضح وأراد به أنه متعرض للشمس، فإذا صام ضعف عن الدعاء يوم وأفضل الدعاء يوم عرفة فحيازة فضيلة الدعاء في ذلك الوقت أفضل من الصوم فيه، وقبل: يستحب أن يصوم يوم التروية معه للاحتياط حتى لا يفرته فضيلة يوم عرفة، وقيل: غلط المزني في حكاية هذا التعليل في قوله: مضح وإنما هو ضاح ذكره في "الإملاء "، أي: تأزر للمس ومنه قوله تعالى: {وأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا ولا تَضْحَى} [طه: 119] أي: لا تصيبك الشمس فتؤذيك فأما المضحي فهو الداخل في وقت الضحوة وليس ذلك وقت الوقوف بعرفة، وقيل: المضحي هو الواقف في الضحى والضحى هو الفضاء، وقال عطاء: إن كان صيفًا فالأولى له الإفطار، وإن كان شتاًء فالأولى له الصوم، وقد قال به بعض أصحابنا، وهذا لأنه إذا كان قويًا في الشتاء لا يؤثر فيه الصوم فيكون [343 أ/ 4] جامعًا بين العبادتين، وروي أن عائشة رضي الله عنها كانت تصوم يوم عرفة (?)، وقال هذا القائل هذا اصح وأنا أقول به مثله، وبالله التوفيق وذا غلط، بدليل ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن صوم يوم عرفة (?) "، وقال ابن عمر: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا آمر بصيامه ولا أنهي عنه (?)، وروي عن سعيد بن جبير قال: أتيت ابن عباس بعرفة وهو يأكل رمَّانَا فقال: ادن فكل لعلك صائم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم هذا اليوم (?)، وحكي عن أبي حنيفة أنه يستحب له صومه إلا أن يضعفه عن الدعاء ويقطعه عنه، وروت أم الفضل بنت الحارث: أن أناسًا اختلفوا عندها في يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو قائم بعرفة فشرب (?)، وأما صوم يوم عاشوراء يستحب أيضًا وهو صوم اليوم العاشر من المحرم والأصل فيه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم [343 ب/ 4] قال: "صيام يوم عرفة كفارة السنة والسنة التي تليها وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة (?) " وأراد بقوله كفارة السنة والسنة التي تليها ما جاء في