بالحال بقيت الرخصة إلى آخر النهار كما لو أفطر ثم أقام فحصل قولان وقيل وجهان، وهو غلط. وقال يعض أصحابنا بخراسان: إن أصبحا تاركين للنية لم يكونا أكلا فزال العذر هل يلزم التشبه لأنه لم يلحقه الرخصة في السفر. لأن أكلا لم يلزم التشبه، وإن صاما فلا يجوز الفطر وهذا لا يصح لأنه إذا لم ينو من الليل كان مفطرًا، ولو شرع الصبي في المحرم ثم بلغ لا يلزمه الإتمام قولًا واحدًا. وفي هذا نظر لأنه ليس من أهل اللزوم وقت الشروع وذكر في "الشامل" في المريض إذا صام ثم زال المرض لا يجوز أن يفطر قولًا واحدًا ولا وجه للفرق بينه وبين المسافر عندي.

فرع آخر

هل يثابون على الإمساك في بقية النهار فيه ثلاثة أوجه: احدها: لا يثابون لأنه لا يعتد به، والثاني: وهو الأصح يثابون عليه لأنهم يستحقون العقاب بتركه، والثالث: أنهم لم يكونوا مفرطين بالفطر، فإنهم يثابون عليه وإلا فلا عقوبة على تعديه [311 ب/4].

مسالة: قال (?): ولو أن مقيمًا نوى الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافرًا لم يفطر يومه.

وهذا كما قال إذا أصح في رمضان وهو مقيم صائم ثم سافر ذلك اليوم لا يجوز له أن يفطر في بقية اليوم بخلاف ما إذا مرض لأن المرض ضرورة والسفر اختيار، وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي والنخعي ومكحول والزهري وأبو ثور، وقال إسحاق وداود والمزني وابن المنذر وهو رواية عن أحمد: يجوز له الفطر وهذا غلط لأنه عبادة تختلف بالحضر والسفر فإذا أنشأه في الحضر ثم سافر فوجب أن يغلب حكم الحضر كالصلاة.

واحتج المزني بما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم صام في مخرجه إلى مكة في رمضان حتى بلع كراع الغميم وصام الناس معه ثم أفطر وأمر من صام معه بالإفطار" (?)، فلو كان لا يجوز له الفطر ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ما أفطر. قلنا ظن المزني أن كراع الغميم قريب من المدينة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح في المدينة ثم خرج إلى كراع الغميم فأفطر وليس كما توهم بل بين المدينة وبين كراع الغميم ثمانية أيام فصام رسول الله [312 أ/4] صلى الله عليه وسلم في السفر مع الناس ثم أفطر في هذا اليوم حين رأى رجلًا يظلل عليه وينفح بالماء فقال: ما ذاك؟ فقيل: صائم جهده الصوم فأفطر وأمر الناس بالإفطار، وقيل: لما احتج المزني بهذا الخبر قيل: له هذا فقال: خطوا عليه وفي بعض النسخ خط عليه وفي بعضها لم يخط وأمر بالخط على هذا الاحتجاج لا على مذهبه، وقيل خط على مذهبه في المنثور ووافق الشافعي، فإذا تقرر ما ذكرنا فلو خالف فأفطر فإن أفطر بالأكل فلا كفارة ووجب القضاء لأن أفطر بالجماع يلزمه القضاء والكفارة. وقال أبو حنيفة ومالك في رواية أنه لا كفارة وكذلك عبد الملك إذا أنشأ الصوم في الفر ثم أفطر ففي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015