واعلم أنا نريد بتعجيل الإفطار الأكل والشرب لأن الإفطار يحصل بغروب الشمس من طريق الحكم لقوله صلى الله عليه وسلم "إذا أدبر النهار وأقبل الليل وغابت الشمس فقد أفطر الصائم"، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحقق الفطر بفعله حتى يوافق فعله الحكم ويحصل به الشارع إلى قبول الرخصة وإظهار الفرق بين الوقتين وقت الإمساك ووقت الفطر، فلو أخر قال في "الأم" (?): إذا تعمد [305 أ/4] ذلك ورأى الفضل في تأخيره كرهت ذلك وإن لم ير ذلك فلا بأس لأنه لا يصير صائمًا بالليل وإن نواه ولو شك في طلوع الفجر الثاني، قال في "الأم" (?): أستحب له قطعه والامتناع منه، قال أصحابنا: ويكره له الأكل ولكنه يجوز لأن الأصل بقاء الليل. وأعلم أن السحور سنة لما روي أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة" (?). وروي ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استعينوا بقايلة النهار على قيام الليل وبأكل السحور على صيام النهار" (?).
فرع
قال في "سنن حرملة" أحب أن يفطر على التمر فإن لم يجد فعلى الماء والأصل فيه لما روي سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم صائمًا فليفطر على التمر فإن لم يجد فعلى الماء فإنه طهور" (?)، وروي أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من الماء" (?). وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أفطر [305 ب/4] على تمر زيد في صلاته أربع مائة صلاة" (?).
فرع آخر
يستحب في زماننا هذا أن يفطر بكف من الماء يأخذه بيده من نهر ليكون أبعد من الشبهة فإن الشبهات كثرت فيما في أيدي الناس قاله القاضي الحسين.