عنها أن ذلك إنما كان منه لأنه لا يخاف على نفسه فقالت بعد رواية الخبر:- وكان تعني النبي صلى الله عليه وسلم - أملككم لإربه بأبي هو وأمي، أي: أنه كان يملك حاجته ولا تغلبه نفسه وشهوته فقيل لها نظن أنك هي فضحكت (?) فعلموا أنها إنما تعني نفسها، ويقال: أرب مفتوحة الألف والراء وإرب مكسورة الألف ساكنة الراء معناهما واحد وهو حاجة النفس ووطرها والإرب الوضوء أيضًا، وروي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ويمص لسانها وهو صائم"، وقالت عائشة رضي الله عنها: "تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم مني قبلة وأنا صائمة فقلت: إني صائمة فقال: ناوليني قرصًا فناولته كسرة فوضع على فيه ثم قال: ترى هذا فطرني".

وقالت أم سلمة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وهو صائم وأنا صائمة"، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصائم يقبل قال: "ذاك ريحانة [300 ب/4] تشمها ولا بأس بذلك" وروي أنه قال: "لا بأس إنما هي ريحانة تشمها" (?)، وروي عن جابر رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه قال: "هششت يومًا فقبلت وأنا صائم قال: فقلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمرًا عظيمًا قبلت وأنا صائم قال: أرأيت لو تمضمضت من الماء وأنت صائم، وروي أنه قال لو تمضمضت أيضرك؟ قال لا قال ففيم إذاً" (?) يعني: أن القبلة الخالية من الإنزال كمضمضة خلت عن سبق الماء إلى الجوف وهذا دليل على أن القياس حجة وروي أن امرأة أتت أم سلمة رضي الله عنها فقالت: بعثني زوجي لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قبلة الصائم، فقالت أم سلمة: إنه كان يقبل إحدانا وهو صائم فرجعت إلى زوجها فلم تزده إلا شرًا وقال: إنه ليس مثلنا إنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة فأخبرته به أم سلمة فقال: [301 أ/4] ألم تخبريها أني أفعل ذلك وأنا صائم قالت: نعم رجعت إلى زوجها فما زاد إلا شرًا وقال: كذا وكذا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إني أرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي" (?). وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فأعرض عني فقلت له ما لي فقال: إنك تقبل وأنت صائم". وروي عن أبي هريرة وعائشة مثل قولنا وبه قال عطاء والشعبي والحسن. وروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما كرهاها للشاب ولم يكرهاها للشيخ وهذا لأنه يخاف لتحرك الشهوة في الشباب دون الشيخ في الغالب وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه: من فعل ذلك يصوم يومًا مكانه (?). أورده الإمام البيهقي وهذا أصح مما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015