ولدهما قال الشافعي: أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم مدّ من حنطة، وأراد إذا كان قوت مثلهما الحنطة وإلا فمن قوتهما إلا أن يتطوعا بالحنطة وصامتا إذا أمنتا على [297 ب/4] ولديهما وبه قال مجاهد وأحمد، إلا أن أحمد يقول: مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير وهذا هو الصحيح.
وقال في البويطي: يجب على المرضع القضاء والفدية ويجب على الحامل القضاء دون الفدية والفرق أن حملها متصل بها فصارت كأن العذر في نفسها كالمريضة بخلاف المرضع، وبه قال مالك في أصح الروايتين والليث بن سعد، وقال صاحب "الإصلاح": قال الشافعي في موضع الكفارة عليهما استحباب وبه قال الحسن وعطاء والزهري وربيعة والثوري والأوزاعي وأبو ثور وأبو عبيد وداود وهو اختيار المزني وابن المنذر وهو قول أبي حنيفة، وروي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: عليهما الفدية ولا قضاء وهو الأصح، لأن القضاء لزم المريض بالنص ففيه تنبيه على وجوبه على الحامل وقد روي أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم نصف صاع".
وقال [298 أ/4] القفال قول واحد في المرضع: يلزمها الفدية والقولان في الحامل والفرق ما ذكرنا وأيضًا الضرر الذي تخاف الحامل لو لحق ربما يتصل بالأم فإن الحمل هو جزء منها والأصل الضرر من ولد المرضع إلى بدنها، فليس فيها معنى المرض بل هي رخصة مخصوصة بشرط الفدية، واحتج المزني فقال: كيف يكفَّر من أبيح له الأكل والإفطار ولا يكفر من لم يبح له الأكل فأكل وأفطر؟ قلنا: من أصحابنا من لم يسلم ذلك الأكل عمدًا على ما ذكرناه، ومن أصحابنا من سلم وهو المذهب والفرق أن االمستمتع بالفطر شخص واحد فلم يلزم بذلك الفطر إلا بدل واحد وهو القضاء وهاهنا المستمتع بالفطر شخصان الأم والولد، فجاز أن يتعلق بهذا الفطر بدلان القضاء والفدية كما لو جامع؛ ولأن مدار الكفارة ليس على الإثم لأن المحتقن والمستعط وتارك النية عامدًا من الليل هو مأثوم ولا كفارة عليه، ثم قال المزني: وفي القياس أن الحامل كالمريض والمرضع كالمسافر، وكل مباح له [298 ب/4] الفطر وأراد به أن المريض إنما يفطر لضعف في نفسه لا لعجز عن أمر كان يباشره، كذلك الحامل، وأما المسافر فإنما يفطر لا لضعف في نفسه ولكن لعجز عن أمر يباشره وهو قطع المسافة، وكذلك المرضع إنما تفطر للعجز عن الإرضاع فهو في القياس سواء والجواب ما ذكرنا من الفرق ثم احتج أيضًا بما حكاه عن الشافعي فقال: واحتج بالخبر من استقاء عامدًا هل عليه القضاء؟، قال عليه القضاء قال المزني: ولم يجعل عليه أي: على المستقيء عامدًا هل أحد من العلماء علمته فيه كفارة وقد أفطر عامدًا، وكذلك قالوا: في الحصاة يبتلعها الصائم والجواب من وجهين: أحدهما: أنهم إنما لم يوجبوا هناك الكفارة العظمى، فأما الفدية فغير مسلمة، والثاني: مثل ما قلنا إن المستمتع بالفطر هناك شخص واحد وهاهنا بخلافه.