قاء [270 ب/4] أو احتجم أو احتلم" (?). قلنا: أراد به إذا ذرعه القيء بدليل خبرنا وحكي عن الحسن البصري أنه قال في رواية يفطره، وإن غلبه وهو خطأ لما ذكرنا.
وروي عن أبي الدرداء أنه قال: قاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر فقال ثوبان: صدق أنا صببت له الوضوء (?). وذكر المزني واحتج في ذلك بابن عمر وفي بعض نسخ المزني وقد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت ذلك مرفوعًا من رواية أبى هريرة على ما ذكرنا واختلف أصحابنا إذا تعمد القيء كيف يفطر فمنهم من قال: إنما يفطر لأنه لا يقيء أحد إلا ويترادّ منه شيء إلى جوفه ولولا ذلك لم يفطره لأن ابن عباس رضي الله عنه قال: الصوم مما دخل والوضوء مما خرج ومنهم من لا يعتبر ذلك لأنه لو قاء منكسًا رأسه بحيث يعلم أنه لم يرجع إلى جوفه شيء يفطره وهذا أصح فإذا تقرر هذا قال المزني بعد هذا أقرب ما يحضر لي للشافعي فيما يجري به الريق أنه لا يفطره ما غلب الناس من الغبار في الطريق وغربلة الدقيق وهدم الرجل الدار وفي نسخة الجدار وما يتطاير من ذلك وفي نسخة وما يتكاثر من ذلك أي: يغلب بالكثرة [280 أ/4] في العيون والأنوف والأفواه فيصل إلى الحلق حتى يتنخمه فيدخل في فيه أي: فيجد لونه في نخامته التي يخرجها من فيه فيشبه ما قال الشافعي في قلة ما يجري به الريق، والأمر على ما ذكر وهذه الجملة هي تشتمل على خمس مسائل إحداها: أن الرجل إذا مشى في طريق وهو صائم فيصعد غبار الطريق إلى جوف رأسه أو ينزل إلى أقصى حلقه لم يبطل صومه لأنه مغلوب به، والثانية: لو غربل دقيقًا كان كالغبار ولو غربل الدقيق وفتح فاه عمدًا حتى وصل إلى جوفه فيه وجهان كمن تعمد جمع الريق وبلعه، والثالثة: لو لم يلتئم عند الهدم حتى وصل التراب إلى الجوف لم يضره، والرابعة: أن العين والأنف والفم في هذه المسائل فلا يفسد صومه ما يصل من هذه السبل إلى الجوف، والخامسة: أن الصائم إذا تنخم فانقلعت النخامة وخرجت إلى فيه وهو غير قاصد لم يفسد صومه، وإن كان قاصدًا قلعها عن حد الباطن بالتنخم اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: لا يفسد صومه وهو ظاهر كلام المزني واختياره، ومنهم من قال: يفسد صومه كما لو قصد الاستقاءة ولا فرق إذ لا فرق في الاستقاءة بين قلع الشيء من المعدة وبين قلعه من الصدر فإن كل ذلك جوف وإن كانت [280 ب/4] به سلعة فانقلعت النخامة من غير قصده فهو كمن ذرعه القيء وهذا هو القياس الواضح ذكره أصحابنا بخراسان، وقيل: جملة هذا هو أن الفم يقع الفطر بالواصل إلى الجوف منه