وهذا غلط لأنه مع الانعقاد بالجماع فصار كما لو أفسد بالجماع [277 أ/4] ولو كان جاهلًا بطلوع الفجر فلا كفارة وعليه القضاء وإن مكث بعد ذلك متعمدًا وليس على قولنا جماع يمنع صحة الصوم ولا كفارة إلا هذا واختلف أصحابنا إذا مكث متعمدًا فمنهم من قال: لم ينعقد صومه أصلًا والكفارة تجب بمنع الانعقاد بالجماع ومنهم من قال: انعقد صومه ثم فسد إذا أحرم مجامعًا انعقد ثم فسد والأول أولى عندي وقال الإمام أبو محمد الجويني: لو اشتغل عند الطلوع بالإخراج ولكن قصد بالحركة للإخراج طلب اللذة صار كالمكث على الجماع لأن اللذة تلتمس بالإيلاج مرة وبالإخراج أخرى فليكن قصده ترك الجماع لا يشوبه ابتغاء اللذة حتى لا يبطل صومه.
فرع
لو طلع الفجر وهو مجامع وظن أن صومه قد بطل وإن أقلع فمكث ممسكًا عن خراجه يلزمه القضاء ولا كفارة لأنه غير قاصد لهتك الحرمة ذكره في "الحاوي" (?)، فإن قيل: أليس إذا قال لامرأته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثًا فوطئها طلقت ثلاثًا وإن مكث مع القدرة عن النزول عنها لا يجب الحد ولا المهر فما الفرق؟ قلنا: اختلف أصحابنا فيه فقال صاحب "الإفصاح" [277 أ/4] لا نص فيه للشافعي والذي يقتضيه نصه في كتاب الصوم أنه يلزمه الحد إذا كان عالمًا بتحريمها فإن لم يكن عالمًا فلا حد ويلزمه مهر مثلها فلا سؤال ومن أصحابنا من قال: لا يلزمه الحد ولا المهر لأن الشافعي قال في كتاب الإيلاء: ولو قال: إن قربتك فأنت طالق ثلاثًا فإذا غابت الحشفة طلقت ثلاثًا فإن أخرجه ثم أدخله بعد فعليه مهر مثلها فاشترط أن يخرج ثم يدخل فدل على أنه إذا مكث أو تحرك لغير إخراجه لا شيء عليه والفرق أن في الصوم لم يتعلق بابتداء الوطئ غرم لأنه كان قبل طلوع الفجر فجاز أن يتعلق باستدامته بعده غرم وفي الإيلاء يتعلق بابتدائه غرم وهو البينونة واستقرار المهر المسمى فلم يتعلق باستدامته بعده بشيء.
مسألة: قال (?): وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أسْنَانِهِ مَا يَجْرِيْ بِهِ الرَّيقُ. وَلاَ يُمْكِن الاحترازُ مِنْهُ لا يفطر، وإن كانت جسمًا يقدر على لفظه من فيه وإلقائه عنه فازدرده أفطره. وبه قال أحمد، ومن أصحابنا من قال فيما يجري به الريق نقل الربيع أنه يفطر ففيه قولان وهذا لا يصح [278 أ/4] وقد بينه الشافعي في "الأم" على ما ذكرنا فالنصان على حالين ولا معنى لتخريج القولين فيه.
وقال القفال: أراد إذا جرى به الريق من غير قصد فإن قصد ابتلاعه وأمكنه دفعه عن أن يجري به الريق فلم يفعل بطل صومه وصغره لا يكون عذرًا خلافًا لأبي حنيفة حيث قال: إن كان قدر سمسمة فابتلعه عمدًا لا يفطره لأن الاحتراز عنه مثله لا يمكن وهذا لا يصح، لأنه إذا لم يمكنه الاحتراز يكون معذورًا عندنا أيضًا وكلامنا إذا أمكن ذلك وفسّره الربيع على هذا الوجه الذي حكاه القفال ولو صح فقال: إن تعمد ازدراده فطر.