وبها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده على هلال رمضان فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته [فأمره] أن يجيزه وقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل واحد على رؤية هلا رمضان، قالا: وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين (?)، فنقول: السنة فرقت بينهما ولأن الاحتياط للصوم في كل واحد من الموضعين يفرق بينهما. وقال أبو حنيفة: بين أول الشهر وآخره، فإن كانت السماء متغيمة فإنه يقبل فيه شهادة واحد، وإن كانت السماء مصحية فلابد من الاستعاضة وقد يحصل ذلك بالخمسين في البلد الكبير مثل مصر وبغداد. واحتج بأنه يجوز أن ينظر الجمع الكثير والجمع الغفير إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة والموانع مرتفعة فيراه واحد ولا يراه الباقون.

قلنا [270 أ/4] يجوز هذا مع لطافة المرئي وبعده ويحتمل أن يختلف موضع قصدهم ولهذا لو حكم برؤيته حاكم بشهادة واحد جاز ولو حكم على ما قلتم لما صح فيه حكم الحاكم فإذا قلنا: بالمذهب اختلف أصحابنا فيه قال أبو إسحاق: لو شهد عبد أو امرأة فإنه يقبل لأن طريقه طريق الخبر دون الشهادة بدليل سقوط العدد فيه وبه قال أبو حنيفة، وقال سائر أصحابنا، لا يقبل وهو المذهب ونص عليه في "الأم". ونص أيضًا على أنه يعتبر أن يقيد لفظه بلفظ الشهادة حتى يقبل منه، ولو جرى مجرى الخبر للزم فيه قبول قول واحد عن الواحد فيقول أخبرني فلان عن فلان. وقيل: لا يعتبر فيه لفظ الشهادة من وجه ولا شك أنه يعتبر فيه العدالة.

وقال بعض أهل خراسان: لا تعتبر العدالة الباطنة فيه. وهو غلط، وإذا قلنا بالقول الثاني وهو القياس كما قال، والقياس أن لا يقبل على مغيب أي على أمر خفي إلا شاهدان، وأراد به القياس على هلال شوال لا يقبل إلا ذكرين حرين بالغين عاقلين مسلمين بلا إشكال، فإن قيل: كيف قال الشافعي: "يصوم بشهادة الواحد للاحتياط" [270 ب/4] وليس من الاحتياط يجري يوم الشك للصوم، قلنا: هذا سؤال من لا يعرف صوم يوم الشك وذلك أن الشاهد الواحد متى شهد فقد خرج اليوم عن حد الشك إلى حد الاحتياط أو حد الوجوب، وكذلك إذا كانت السماء كلها متغيمة فاليوم ليس بيوم الشك، فأما إذا كانت السماء قطع سحاب متفرّع بحيث يحتمل الرؤية في مكان وإن تعذرت في مكان، ولم يشهد على رؤية الهلال شاهد فمن أصبح في هذا اليوم كرهنا له الصوم لأنه صبيحة يوم الشك، وقال القفال: صورة يوم الشك أن يقول بعض الناس رئي الهلال ولا يقول عدل منهم: أنا رأيت وسواء ذكر الفساق ذلك أو الصبيان أو الكفار فإن قيل: ظاهر ما حكي عن علي رضي الله عنه يوهم أنه كان يستحب صوم يوم الشك، قلنا: ليس كذلك بل الظن بعلي رضي الله عنه أنه لا يخالف السنة، وقد قال عمران بن الحصين رضي الله عنه يوم الشك: "من صام هذا اليوم فقد عصى أبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015