تعالى: {وَعَلَى اّلَّذِينَ يُطِيقُونِهُ فِدّيَةُ} [البقرة: 184] , وقال تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184] ثم نسخ التخيير بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] , هكذا قاله ابن عباس وسلمه بن لأكوع رضي الله عنهما.

وقيل: إن هذا للشيخ الهرم يتخير بين الفطر والفدية, وبين تكلف الصوم ولم يكن القادر مخيراً قط والأول أصح, واعلم أنه نزل فرض صوم رمضان في شعبان في السنة الثانية من الهجرة لليلتين خلتا منه وفي هذا الشهر فرض استقبال الكعبة واختلف السلف في الأفضل فقال بعضهم: الصلاة هي أفضل من الصيام لتقدم فرضها ومقارنتها للإيمان, وقال آخرون: الصيام أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله: "كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى عليه" (?)، وقال آخرون: الصلاة بمكة أفضل من الصيام والصيام بالمدينة أفضل من الصلاة مراعاة لموضع نزول فرضهما فإذا تقرر هذا فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا [257 ب/4] رمضان فإنه اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان" (?)، وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (?)، وذكر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "جاء رمضان شهر مبارك" (?)، قال أصحابنا وجه الجمع بينهما أنه يلفظ بذكر رمضان ولم يعرف به ما يدل على أن المراد به الشهر يكره ذلك, وإذا قرن به ما يدل على أن المراد به الشهر لا يكره ذلك.

مسألة: قال (?): وَلاَ يُجوزُ لِأَحَدٍ صيامُ مِنْ شَهْرِ رَمَضان.

الفصل

وهذا كما قال: نية الصوم شرط في صحته ولا يصح شئ من الصيام من غير نية سواء صام في الحضر أو في السفر وسواء كان صحيحاً أو مريضاً وسواء كان فرضاً أو تطوعاً, وقال زفر: صوم رمضان لا يفتقر إلى النية أصلاً إذا كان متعيناً فإن لم يكن متعيناً مثل أن يكون مريضاً أو مسافراً يفتقر إلى النية [258 أ/4] وكذلك غير صوم عطاء ومجاهد واحتجوا بأنه مستحق العين فلا يفتقر إلى النية أصلاً كرد المغضوب وهذا غلط, لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015