وهذا مختصر من قصة وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس في يوم عيد، فلم يسمع النساء، فلما انصرف أرسل النساء إليه يشتكين أنهن لم يسمعن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فواعدهن يخطب لهن يومًا، فلما كان ذلك اجتمع النساء [254 أ/4] فغي خطبته فخطبهن وحثهن على الصدقة حتى قال تصدقن ولو من حليكن فجعل النساء يتصدقن وبسط بلال كساء فكانت المرأة تلقي الخرص والسوار والخلخال، وكانت امرأة ابن مسعود تنظر وتخاف على زوجها وأولادها الضياع لو تصدقت فلما رجعت إلى زوجها قالت له قد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة فقال عبد الله: لك في ذلك أجران فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت ذلك كله وأخبرته بقول عبد الله فقال: "صدق عبد الله إنه لفقيه، لك في ذلك أجران، فأنفقي عليهم" (?). وأراد بالأجرين أجر الصدقة وأجر صلة الرحم.

وروي أن رجلاً قال: يا رسول الله من أبر؟ قال: "أمك". ثم أعاد فقال: "أمك" مرات، ثم قال: "أباك، ثم أختك، ثم أخاك ثم أدناك فأدناك" (?).

وينبغي أن يختار السر (?) وذوي الفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يأكل طعامك إلا مؤمن". فإن تصدق على كافر فإنه يجوز لقوله تعالى: {ويُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأَسِيرًا (8)} [الإنسان:8] والأسير لا يكون إلا كافرًا.

ويستجيب للفقير أن يتعفف عن السؤال، روى عبد الله بن [254 ب/4] مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم يسد الله فاقته ومن أنزلها بالله تعالى أوشك الله تعالى له بالغنى أو يموت عاجلاً" (?) فإن سأل لم يحرم إذا كان محتاجًا ويقصد بسؤاله أهل الخير والصلاح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن كنت لابد سائلاً فاسأل الصالحين" (?)، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يد الله العليا ويد المعطي الوسطى، ويد المستعطي السفلى" (?) فأما من سأل وهو غني عن المسألة بمالٍ، أو بصناعة فهو بسؤاله آثم، وما يأخذ عليه محرم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سأل وهو غني جاءت مسألته يوم القيامة خدوشًا أو خموشًا أو كدوحًا في وجهه" قيل: وما غناه، قال: "خمسون درهمًا أو عدلها من الذهب" (?) واراد بهذا عندنا إذا ما كان وفق كفايته وكفاية من يمونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015