وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ، قِيلَ: وَمَا الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «النُّزَّاعُ مِنَ الْقَبَائِلِ» فَإِذَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَى هَذَا، كَانَ الْمُؤْمِنُ فِيهِمْ كَالْمُؤْمِنِ فِي وَقْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ النَّازِعَ مِنَ الْقَبِيلَةِ مُهَاجِرٌ مَفَارِقٌ أَهْلَهُ، وَمَالَهُ، وَوَطَنَهُ، مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ مُصَدِّقٌ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَدَحَ الْمُؤْمِنِينَ بِإِيمَانِهِمْ بِالْغَيْبِ، فَقَالَ {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] ، وَكَانَ إِيمَانُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْبًا وَشُهُودًا، فَإِنَّهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ غَيْبًا، وَآمَنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُهُودًا وَعَيَانًا، يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الْوَحْيُ، وَيَرَوْنَ الْآيَاتِ، وَيُشَاهِدُونَ الْمُعْجِزَاتِ، وَآخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُؤْمِنُونَ بِمَا آمَنَ بِهِ أَوَائِلُهُمْ غَيْبًا، وَيُؤْمِنُونَ غَيْبًا بِمَا آَمَنَ بِهِ أَوَائِلُهُمْ شُهُودًا، وَهُوَ إِيمَانُهُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُشَاهِدُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنًا، وَلِذَلِكَ صَارُوا أَعْجَبَ النَّاسِ إِيمَانًا كَمَا