- ح أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ: ح أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْفَلِقُ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَمَعِي لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا مَنْ يُفْتَحُ لَهُ الْجَنَّةُ وَلَا فَخْرَ، فَآتِي فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ فَيُفْتَحُ لِي فَيَسْتَقْبِلُنِي الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ، فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَأَذْهَبُ فَأُمِيِّزُ وَأُدْخِلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ ثُمَّ أَرْجِعُ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْجَنَّةِ فَيَسْتَقْبِلُنِي الْجَبَّارُ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ -[343]-: اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ إِيمَانًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَأَذْهَبُ فَأُمَيِّزُ فَأُدْخِلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، ثُمَّ يَبْقَى قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ لَهُمْ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَبَرُوتِي، وَعُلُوِّ مَكَانِي لَا أَدَعُ أَحَدًا كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا إِلَّا أَخْرَجْتُهُ مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُهُمْ فَيَجْعَلُهُمْ فِي نَهَرٍ يُسَمَّى نَهَرَ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ هَلْ تَرَوْنَ مَا يَلِي الظِّلَّ مِنْهَا اصْفَرَّ، وَمَا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهَا اخْضَرَّ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ فِي الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: " إِنِّي كُنْتُ فِي الْبَادِيَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ، فَيَقُولُ: لَا تَقُولُوا الْجَهَنَّمِيُّونَ وَلَكِنْ قُولُوا: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ " قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَعْنَى تَخْصِيصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16] ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْمُلْكُ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا غَيْرَ أَنَّهُ قَدِ ادَّعَى قَوْمٌ الْمُلْكَ فِي الدُّنْيَا، وَيَوْمَئِذٍ لَا مُدَّعِي، كُلٌّ قَدْ أَذْعَنَ وَانْقَادَ، وَزَالَ مُلْكُ كُلِّ ذِي مُلْكٍ، فَلَا أَحَدَ يَقُولُ: أَنَا مَلِكٌ، كَذَلِكَ قَوْلُهُ «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» لَا سُؤْدُدَ لِأَحَدٍ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الَّذِي يَفْزَعُ إِلَيْهِ الْقَوْمُ إِذَا أَصَابَتْهُمْ نَائِبَةٌ أَوْ حَلَّ بِهِمْ أَمْرٌ لَا يَقُومُونَ بِهِ، فَيَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ، وَيَقُومُ بِأَسْبَابِهِمْ، وَيَتَحَمَّلُ الْحَمَالَةَ عَنْهُمْ وَيَذُبُّ عَنْهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ النَّاسِ خَادِمُهُمْ» ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِيهِمْ مُؤَنَهُمْ، وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَهُ