وَقَالَ مُعَاوِيَةُ فِي عَلِيٍّ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ النُّعْمَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ الْأَشَوِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ التَّمْرِيِّ، بَصَرِيٌّ، وَقَالَ: الْأَزْهَرِيُّ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ: ح أَبِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: سَلْ عَنْهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ: أُرِيدُ جَوَابَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا , قَالَ: وَيْحَكَ لَقَدْ كَرِهْتَ رَجُلًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِرُّهُ بِالْعِلْمِ عِزًّا، وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» وَلَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْأَلُهُ فَيَأْخُذُ عَنْهُ، وَكَانَ إِذَا أُشْكِلَ عَلَى عُمَرَ شَيْءٌ فَقَالَ: هَاهُنَا عَلِيٌّ، قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ وَمَحَا اسْمَهُ مِنَ الدِّيوَانِ. هَذَا إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُنَازَعَتَهُمُ الْخِلَافَةَ وَمُجَاذَبَتَهُمُ الْوَلَايَةَ لَمْ تُؤَدِّ بِهِمْ إِلَى التَّبَاغُضِ. فَدَلَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبَاغَضُوا» أَيْ لَا تَخْتَلِفُوا فِي النِّحَلِ وَالْآرَاءِ، وَلَا تَبَايَنُوا فِي الْمَذَاهِبِ وَالْأَهْوَاءِ فَتَبَاغَضُوا لَهَا؛ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ فِي الدِّينِ وَالضَّلَالَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ يُوجِبُ الْبُغْضَ عَلَيْهِ وَتَرْكَ الْمُوَالَاةِ فِيهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنَافَسُوا» أَيْ لَا تَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا، وَلَا تَحْرِصُوا عَلَيْهَا، وَلَا تَضِنُّوا بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُنَافَسَةَ إِذَا كَانَتْ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ، وَالْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَالْفَهْمِ عَنِ اللَّهِ كَانَتْ وَاجِبَةً مَدْعُوًّا إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا تَكُونُ مَرْفُوضَةً مَدْعُوًّا عَنْهَا إِذَا كَانَتْ فِي الدُّنْيَا. وَقَدْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا مُفَاخِرًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، وَالْمُنَافَسَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا هِيَ الْمُنَافَسَةُ فِي الدُّنْيَا